فلمّا رأى عمرا علا رأسه بدرّته وقال له : انهزمت؟! وسكت الرجل ، ولكنّه لمّا خرج من عنده فرّ إلى معاوية! فبعث الإمام إلى داره فهدمها (١).
الغامديّ على الأنبار (٢) :
دعا معاوية سفيان بن عوف الغامدي الأزدي للغارة على العراق ، ثمّ خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا بعد أيّها الناس ، فانتدبوا مع سفيان بن عوف ، فإنّه وجه عظيم وفيه أجر عظيم مع أوبة سريعة إن شاء الله ، ثمّ سكت ونزل.
وخرج سفيان من دمشق فعسكر بناحيتها ، فما مرّت به ثلاثة أيّام حتى اجتمع إليه ستّة آلاف.
ودعاه معاوية فقال له : إنّي باعثك في هذا الجيش الكثيف ذي الأداة والجلادة ، فالزم لي جانب الفرات حتّى تمرّ على هيت ، فإن لم تجد بها جندا فامض حتّى تغير على الأنبار ، فإن لم تجد بها جندا فامض حتّى تغير على المدائن! وخرّب كلّ ما مررت به من القرى! واحرب الأموال فإنّه شبيه بالقتل! بل هو أوجع للقلوب! واقتل كلّ من لقيته ممّن لا يكون على رأيك! واعلم أنّك إن أغرت على أهل الأنبار وأهل المدائن فكأنّك أغرت على الكوفة ، ثمّ أقبل إليّ واتّق أن تقرب الكوفة! يا سفيان ، إنّ هذه الغارات على أهل العراق ترهب قلوبهم ، وتجرّئ كلّ من كان له فينا هوى ويرى فراقهم ، وتدعو إلينا كلّ من كان يخاف الدوائر!
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٦٣ ـ ٤٦٤.
(٢) الأنبار : كانت مخازن أرزاق جيوش الأكاسرة الفرس ، كما في معجم البلدان ومراصد الاطلاع.