فإنها حينئذ إنما تثبت تلك الأصول بملاحظة اعتبارها بمقتضى أدلة اعتبار قول العادل ، فإن قوله عليه السلام : « لا تنقض اليقين بالشك » (١) ـ على تقدير ظنية صدوره إنما يقوم دليلا على اعتبار الاستصحاب بالنظر إلى شمول قوله : ( صدق العادل ) له الّذي هو مستند اعتبار الأخبار الظنية الصدور المتضمنة لبيان الأحكام الواقعية ، المخالفة لمقتضى الاستصحاب ، فهو في عرض تلك الأخبار ، فكيف تقدم هي عليه في مورد المخالفة؟! فإن معنى تصديق العادل ـ في قوله : قال الصادق عليه السلام : « لا تنقض اليقين بالشك » ـ وجوب البناء على عدم احتمال عدم صوره منه عليه السلام وفرضه كمقطوع الصدور ، كما أن قوله : صدق العادل ـ في قوله : قال الصادق عليه السلام : « تجب السورة » (٢) ـ معناه ذلك ، فلا وجه لتقديم أحدهما على الآخر ، لعدم اقتضاء دليل اعتبار صدورهما ذلك ، بل نسبته إلى كل منهما كنسبته إلى الآخر.
مع أنه يلزم ـ على تقدير تقديم قوله : « تجب السورة » على قوله : « لا تنقض اليقين بالشك » ـ التبعيض في الصدور ، إذ من المعلوم أن ( ما ) (٣) وما تقدمه عليه إنما تقدمه في مورد مخالفته للأدلة الاجتهادية ، وأما في صورة عدم دليل اجتهادي فيعمل به ، وهو كما ترى.
لأنا نقول : إنا لا تقدم صدور أحدهما على صدور الآخر ، بل نحكم ـ بمقتضى دليل الصدور بصدور كليهما وفرضهما كمقطوعي الصدور ، إلا أنا نقدم
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥ ، كتاب الطهارة ، باب : ١ من أبواب نواقض الوضوء ح : ١ ، مع اختلاف يسير.
(٢) الظاهر أن هذا مضمون أحاديث ، راجع الوسائل ٤ : ٧٣٦ ـ ٧٣٧ ، كتاب الصلاة ، باب : ٤ من أبواب القراءة في الصلاة ، والاستبصار ١ : ٣١٤ ـ ٣١٥ باب : ١٧٣ ( أنه لا يقرأ في الفريضة بأقل من سورة ولا بأكثر منها ) ح : ٨.
(٣) في الأصل : من.