على تقدير سبق النجاسة فهو من مسألة الشكّ في الحادثين من حيث التقدم والتأخّر ، وهو المراد من قول شيخنا قدسسره في « الكتاب » : ( ولو لم يكن مسبوقا بحال ... إلى آخره ) (١) فإن المراد به ما يقابل الصورتين ، أي : المسبوق بالكريّة أو عدمها الذي فرض فيه العلم بالحادثين مع الشكّ في التقدّم والتأخّر.
فأراد به بيان حكم ما ذكره الفاضل التوني في الصّورة الأخيرة على ما حكاه عنه : من جعله أصالة عدم تقدّم الكرّيّة مثبتة لنجاسة الماء ، فمنع من إجرائها بناء على أصله الذي أسّسه : من عدم جواز الإثبات بالأصل العدمي ؛ فإن الحالة السّابقة في الفرض وإن كانت عدم الكرّيّة ، لكنّها لا تجدي بعد العلم بزوالها فتدبّر.
ولا تغفل عن المراد من القول المذكور ؛ فإن في العبارة قرائن واضحة على ما ذكرنا في بيان المراد منها ، فلا بدّ أن يفرض انتفاء العلم بزمانهما وإلاّ فلا يفرض الشكّ في التقدّم والتأخّر كما هو ظاهر ، فله صور ثلاثة : أحدها : ما لو لم يعيّن زمان حدوث شيء منهما ، ثانيها وثالثها : ما لو عيّن زمان حدوث أحدهما بالخصوص وكان الآخر غير معيّن ، والصورة الأولى ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : ما لا يحتمل فيه تقارن الحادثين أي : الكرّيّة وورود النجاسة في الماء.
ثانيهما : ما يحتمل فيه تقارنهما وجودا.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٤٥٢.