على المكلّف تحصيلها ، فهي علّة لفعل الشارع وتشريعه وإيجابه ، فالواجب الشرعي هو نفس الفعل ، والواجب العقلي الذي يحكم به قاطبة العقلاء : إطاعة حكم الشارع على وجه يدفع به الضرر والعقاب. وأمّا وجوب تحصيل منشأ وجوب الفعل من المصالح ، أو شيء آخر من الغايات فلا يحكم العقل به قطعا. نعم ، لا إشكال في حكمه بجنسه ، لكنه لا يجدي نفعا.
فإن قلت : سلّمنا عدم كون المصلحة واجبا أوّليّا ونفسيّا بحيث يرجع الأمر في جميع الواجبات إلى الأمر الغيري ، لكن لا كلام في كونها الغرض للشارع من تشريع الواجبات ، فيجب تحصيلها على المكلّف في حكم العقل والعقلاء ، ألا ترى إلزامهم المريض بتحصيل ما يحتمل مدخليّته في المركّب الذي أمره الطبيب بشربه مع علمه بعدم كونه ضارّا ومفسدا على تقدير عدم المدخليّة؟ وليس ذلك إلاّ من جهة احتمال عدم حصول الغرض من المركّب المأمور بشربه بدونه. والمقام من هذا القبيل لأن الشارع هو طبيب النفوس لا يأمر بشيء يرجع فائدته إليه ، بل أمره دائما يرجع إلى تداوي النفوس والفوائد الراجعة إليهم ، وإلاّ فهو غنيّ بالذات.
قلت : نمنع لزوم تحصيل الغرض الذي يكون من العلّة الغائية والفائدة المقصودة من تشريع الأحكام ؛ لأن الواجب في حكم العقل هو تحصيل البراءة عمّا أوجبه الشارع ليس إلاّ ، وأمّا قياس المقام بأمر الطبيب ففاسد جدّا ، لأن أمر الطبيب إرشاديّ صرف لا يتكلّم فيه من حيث الإطاعة والمعصية والثواب