أو فعلا أو تقريرا عند التّأمّل ، والأدلّة القطعيّة القاضية بالرّجوع إلى الكتاب والسّنة لا تعرض لها بالنّسبة إلى ما يحكى عنهما قطعا ، بل لا تعرّض لها بالنّسبة إلى حجيّة ظواهرهما عند التّحقيق ، وإن كانت حجّة من حيث الخصوص عندنا كما تقدّم تفصيل القول فيه في مسألة حجيّة ظواهر الكتاب فراجع.
وقال قدسسره : « السّابع : أنّه لا شك في كون المجتهد بعد انسداد باب العلم مكلّفا بالإفتاء ، وأنّه لا يسقط عنه التّكليف المذكور من جهة انسداد سبيل العلم.
ومن البيّن : أنّ الإفتاء فعل كسائر الأفعال يجب بحكم الشّرع على بعض الوجوه ويحرم على آخر ، فحينئذ إن قام عندنا دليل علميّ على تميّز الواجب منه عن الحرام فلا كلام في تعيّن الأخذ به ووجوب الإفتاء بذلك الطّريق المعلوم وحرمة الإفتاء على الوجه الآخر.
وإن انسدّ سبيل العلم بذلك أيضا تعيّن الرّجوع في التّميز إلى الظّن ؛ ضرورة بقاء التّكليف المذكور وكون الظّن هو الأقرب إلى الواقع ، فإذا دار أمره بين الإفتاء بمطلق الظّن أو بمقتضى الظّنيّات الخاصّة دون مطلق الظّن ، لم يجز له ترك الفتوى مع حصول الأوّل والإقدام عليه بمجرّد قيام الثّاني ؛ إذ هو ترك للظّن وتنزّل إلى الوهم من دون باعث عليه.
فإن قلت : إن الظن بثبوت الحكم في الواقع في معنى الظّن بثبوت الحكم في حقّنا وهو مفاد الظّن بتعليق التّكليف بنا في الظّاهر ، فكيف يقال بالانفكاك بين الظّن بالحكم والظّن بتعلّق التّكليف في الظّاهر المرجّح للحكم والإفتاء؟