وإذا قام الدّليل على خلافه فإن كان قطعيّا فلا إشكال في عدم جواز الرّجوع إليه ؛ لعدم مقاومة الظّن المفروض للقطع ، وإن كان ظنيّا وقعت المعارضة بين الظّنين المفروضين ؛ حيث إنّ الظّن بالواقع يستلزم الظّن بتفريغ الذّمة على الوجه المذكور حسبما عرفت.
والدّليل القاضي بعدم حجيّة ذلك الظّن قاض بالظّن بعدم تفريغ الذّمة كذلك فيراعى حينئذ أقوى الظّنّين كما هو الشّأن في سائر المتعارضين بل القوي حينئذ هو الظّن والآخر وهو في مقابله ولا يتحاشى عند القائل بأصالة حجيّة الظّن ، بل ذلك مصرّح به في كلام جماعة منهم.
نعم ، غاية ما يلزم من التّقرير المذكور ، أن يقال : بحجيّة ما لا يفيد ظنّا بالواقع كالاستصحاب في بعض الموارد إذا قام دليل ظنّي على كونه طريقا شرعيّا إلى الواقع لحصول الظّن منه حينئذ بتفريغ الذّمة في حكم الشّرع وإن لم يحصل منه الظّن بأداء الواقع.
والظّاهر أنّه لا يأبى منه القائل بحجيّة مطلق الظّن ، فغاية الأمر أن يقول حينئذ بحجيّة كل ظنّ بالواقع ويضيف إليه حجية ما يظن كونه طريقا إلى الواقع شرعا وإن لم يفد ظنا بالواقع.
والحاصل : أنّ القول بحجيّة ذلك لا ينافي مقصود القائل بحجيّة مطلق الظّن سواء التزم به في المقام أو لم يلتزم لبعض الشّبهات.