طريقا إلى وثاقة الرّاوي ، فالعبرة بها حقيقة لا باجتماعها.
ألا ترى أنّه ادّعى الإجماع في مطاوي كلماته المحكيّة في « الكتاب » على كون العدالة شرطا في العمل بالخبر ، ومع ذلك لم يأخذها في عنوان مختاره ، بل صرّح فيها بحجيّة خبر من كان ثقة في نقله صحيح الحديث وإن كان فاسقا بجوارحه ، بل فاسد الاعتقاد؟
فاعتبار العدالة عنده لا بدّ أن يكون من حيث الطّريقيّة إلى الوثاقة ، لا الموضوعيّة ، وإلاّ لم يجامع تصريحه بحجيّة خبر جماعة من الثّقات الّذين لم يكونوا على الحقّ أو عدلوا عنه معتذرا بكونهم ثقاتا وبأنّ الإجماع منعقد على العمل بأخبارهم ، بل ادّعى في مطاوي كلماته ورود الأخبار بذلك أيضا.
فالعنوان الّذي انعقد الإجماع عليه في زعمه واعتقاده ـ بحيث يكون دائرا مداره من غير أن يكون لغيره مدخل فيه إلاّ من حيث الكشف ـ هو الوثوق والاطمئنان بصدق الرّاوي في نقله ، فمورد الإجماع العملي من أخبار هذه الكتب ما كان مشتملا على العنوان المذكور فليس لوجوده في الكتب المتداولة مدخل للحجيّة ولا لخروجه عنها منع.
فالعلّة عندهم كون الرّاوي ثقة في نقله ، فأينما وجد هذا العنوان يحكم بحجيّته وإن لم يكن نقله في الكتب المعروفة. وأينما لم يوجد لم يحكم بحجيّته ، وإن كان ثابتا في الكتب الدّائرة من غير فرق بين عدالة الرّاوي وعدمها.