__________________
ـ ويروون سنتي وأحاديثي. وأحاديث « من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه الله فقيها » قد تقدّمت.
وجعل الحذر أيضا غاية للإنذار دليل على ان المقصود تبليغ الدعوة على وجه يحصل العلم للناس بثبوت المعاد. فالحذر هنا كالخشية في قوله تعالى : ( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى ) طه : ٤٤.
فالمعنى بحسب القواعد اللفظيّة الحث على حضور الناس عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للإطلاع على ما جاء به والتوسط في التبليغ إلى من لم يحضر ولم يطّلع ، والجهاد أيضا من أنحاء التبليغ والترويج فإن القتال إنّما هو لقهر الناس الجاحدين والمارقين على التدّين بالدين فإذا نفر الناس من البلاد النائيّة كان الجهاد مع الكفار أيضا ثمرة أخرى للنّفر والإجتماع عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم ولعل هذا هو وجه المناسبة مع آيات الجهاد والله تعالى أعلم بمعنى كلامه.
فالإنذار عبارة عن التخويف ، وإيجاد سبب الخوف ليس بمجرّد الإخبار ، بل إنّما هو بإقامة البيّنة المفيدة للعلم ، كما ان المخبر به أيضا لا بد ان يكون ممّا يخاف منه ويحذر منه ، لا مثل الاحكام الفرعيّة ، فالتمسك بوجوب إنذار المتفقّه في الدين على حجّية الخبر من أعجب الأمور ؛ حيث إنّ كلمة « لو لا » تدل على ان الحكم إرشاد وموعظة ، لا تأسيس ، وليس إلاّ لأنّ ترويج الدين وإرشاد الضالّين ممّا يستقلّ به العقل ؛ ضرورة انّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يستحيل أن يكون مباشرا لإنذار جميع الناس فلا معنى للدين العام لجميع المكلفين إلاّ إلزام جماعة من كل فرقة بالتوسّط في التبليغ ، مع ان الإنذار لا يصدق على الإخبار بالفروع خصوصا في الوضعيّات والمستحبّات والمكروهات والتفقّه مما لا يتوقّف عليه تحمّل الرواية وإنّما