المكلّف على شربه ، كما أنّ إنقاذ المؤمن حسن وذو مصلحة حتى مع عجز المكلّف عن إنقاذه. إذن لا استحالة بأن يتعلّق الملاك بغير المقدور.
المرحلة الثانية : من مراحل التكليف هو تعلّق الإرادة بالفعل أو المبغوضيّة ، وهذا أيضا غير منوط بقدرة المكلّف على تحقيقه خارجا ؛ إذ أنّ الإرادة ليست أكثر من محبوبيّة الفعل أو الترك ، وهذا لا ارتباط له بقدرة المكلّف وعدم قدرته ، وإنّما هو منوط بتصوّر الفعل وتصوّر ما يترتّب عليه من فوائد متّصلة باهتمامات المولى ، ثم الإذعان والتصديق بترتّب تلك الفوائد على ذلك الفعل ، فمع تحقّق مناط الإرادة فإنّ الفعل عندئذ يكون مرادا ومحبوبا ، وإن كان متعذّر الوقوع خارجا فضلا عمّا إذا كان ممكن الوقوع وكان امتناعه ناشئا عن موانع عارضة. فالإتيان بالصلاة يمكن أن يكون محبوبا للمولى في مورد يكون المكلّف فاقدا للاختيار لعارض الإغماء مثلا. وبهذا يتّضح إمكان تعلّق الإرادة بغير المقدور.
المرحلة الثالثة : من مراحل التكليف هي الاعتبار ، ويمكن تعلّقه بغير المقدور لو كان المراد من الاعتبار هو تكييف النفس بكيفيّة تكون تلك الكيفيّة مسوّغة ـ ولو اعتباطا ـ لجعل شيء لشيء ، إذ أنّ الاعتبار كما قيل سهل المؤنة ، إلاّ أنّه مستحيل على المولى مع افتراض عبثيّة الاعتبار ، أمّا لو افترضنا أنّ تلك الكيفيّة النفسانيّة نشأت عن مبرّر ، وهو الكشف عن الملاك والإرادة ـ فالمعتبر لا يراد منه إلا الكشف عن أن الفعل متوفّر على المصلحة والمحبوبيّة ـ فهنا أيضا لا إشكال في إمكان تعلّق الاعتبار ـ بهذا المعنى ـ بالفعل غير المقدور ، إذ أنّه لمّا كان له مبرّر عقلائي فوقوعه من المولى ممكن جدّا ، فنحن نجد أنّ المقنّنين يجعلون بعض التكاليف على أنّها