التنجّز بعد سقوط الأصول المؤمّنة بالتعارض.
فتكون الموافقة القطعية واجبة ، غايته أنّ منشأ تنجّز مقدار الجامع هو العلم الإجمالي ومنشأ تنجّز المقدار الزائد عن الجامع هو أصالة الاحتياط العقلي القاضية بمنجزية مطلق الانكشاف.
وأمّا بناء على كون الأصل العملي الأولي هو البراءة العقلية فالمتنجّز بالعلم الإجمالي هو مقدار المعلوم بالإجمال ، وهذا يختلف باختلاف الاحتمالات الثلاثة التي ذكرناها في الجهة الأولى.
فبناء على الاحتمال الأول يلزم المكلّف الإتيان بتمام الأطراف ليتمكن من إحراز الواقع والذي هو متعلّق العلم الإجمالي ، وكذلك بناء على الاحتمال الثاني ؛ وذلك لأنّ المعلوم وإن كان هو الجامع إلاّ أنّ نسبته إلى كل الأطراف على حدّ سواء فيسري التنجيز من الجامع إلى كلّ الأطراف ، وأمّا بناء على الاحتمال الثالث فتجري البراءة العقليّة عن المقدار الزائد عن المعلوم بالإجمال ؛ وذلك لعدم سراية المنجزية من الجامع إلى أطرافه.
هذا كلّه بناء على استحالة الترخيص في تمام الأطراف ، وأمّا بناء على إمكانه فلا مانع من التمسّك بإطلاق أدلّة البراءة وبه تجري البراءة في كل طرف على حدة ومقتضى ذلك هو جواز المخالفة القطعية ، إلاّ أنّ هذا غير تام ، فإنّه وإن كنّا قد بنينا على إمكان الترخيص في تمام أطراف العلم الإجمالي إلاّ أنا لا نسلّم بتمامية الإطلاق في أدلة البراءة ، وعليه لا تكون شاملة لمورد يلزم من إجرائها الترخيص في المخالفة القطعيّة.
ويمكن إثبات هذه الدعوى بأمرين :
الأمر الأوّل : أنّ السعة اللفظية في أدلة البراءة لا تعبّر عن الإرادة