وبسقوط الدعوى وثبوت أن الوضوء له بقاء يتعقل حينئذ الشك في البقاء ، فلا يكون مانع من جريان الاستصحاب ، ويبقى الكلام في كيفية استظهار ذلك من الرواية ، وقد اتضح ذلك مما سبق ، إذ قلنا إنّ قوله عليهالسلام « ولا ينقض اليقين بالشك » ظاهر في إلغاء الزمن واعتبار متعلّقي اليقين والشك متعلقا واحدا ، ومن هنا صح إطلاق عنوان نقض اليقين على الشك في البقاء وإلاّ فلا مسوّغ لوصف الشك في البقاء بالناقض لليقين ؛ إذ لا يكون ناقضا ونافيا لليقين ما لم يكن متعلقهما واحدا وزمانهما واحدا.
وبثبوت هذا يتعيّن ظهور الرواية في الاستصحاب ، حيث إنها نهت عن نقض اليقين بالوضوء بالشك في بقائه.
الجهة الثالثة :
يقع البحث في هذه الجهة عن إفادة الرواية لكبرى حجية الاستصحاب في تمام موارد الشك في البقاء بعد اليقين بالحدوث ، فقد يقال بظهورها في ذلك ، إذ أنّ قوله عليهالسلام « ولا ينقض اليقين أبدا بالشك » ظاهر في أنّها كبرى كليّة مركوزة أراد الإمام عليهالسلام التنبيه عليها وإمضائها.
إلاّ أنّه في مقابل ذلك يمكن دعوى الإجمال في هذه الفقرة ، ومنشأ دعوى الإجمال هو عدم وضوح المراد من اللام الداخلة على اليقين في قوله عليهالسلام « ولا ينقض اليقين » ، إذ يحتمل أنّها لام الجنس فتكون مفيدة للإطلاق حيث إنّ اليقين معها ـ يعني طبيعة اليقين ـ فلا يختص بيقين دون يقين ، فيكون مساق الرواية بناء على ذلك أنّ مطلق اليقين بالحدوث لا يصح نقضه بالشك في البقاء إلاّ أنّ هذا غير متعين لاحتمال إرادة لام العهد من اللام الداخلة على اليقين ، فيكون مفاد الرواية حينئذ « ولا ينقض اليقين بالوضوء بالشك في بقائه » ، وعلى هذا تكون الرواية مختصة بباب الوضوء