الحكم الشرعي ، فقد ذهب مشهور الأصوليّين إلى ثبوت الملازمة بينهما وأنّه إذا حكم العقل بحسن شيء وانبغاء فعله حكم الشرع بوجوب ذلك الشيء ومتى ما حكم العقل بقبح شيء وانبغاء تركه حكم الشرع بحرمة ذلك الشيء.
ومدرك هذه الدعوى أنّ الشارع سيّد العقلاء ومن غير الممكن أن يتطابق العقلاء بما هم عقلاء على حكم ولا يكون ذلك الحكم موافقا لما عليه الشرع.
وقد نفى بعض المحقّقين ثبوت الملازمة بشكل مطلق ، وبيان ذلك :
إنّ الحسن والقبح تارة يقع في مرتبة المعلول للحكم الشرعي وتارة يكون إدراك الحسن والقبح لا يتّصل بالحكم الشرعي أي أنّه لا يقع في رتبة المعلول للحكم الشرعي كحسن العدل وقبح الظلم فإنّ إدراكه لا يكون متأخّرا ولا مترتّبا على ثبوت حكم شرعي بل إنّ إدراكه يكون مستقلا عن الحكم الشرعي.
والنحو الأوّل من إدراك العقل للحسن والقبح يستحيل ثبوت الملازمة في مورده ؛ وذلك لاستلزامه التسلسل المحال ، إذ أنّ معنى وقوع المدرك العقلي للحسن والقبح في رتبة المعلول للحكم الشرعي هو ما يدركه العقل من حسن طاعة الأمر المولوي وقبح عصيان الأمر المولوي ، ومن الواضح أنّه لا يحكم العقل بحسن طاعة أمر المولى إلاّ أن يكون هناك أمر مولوي كما لا يحكم بقبح معصية المولى إلاّ أن يكون هناك أمر مولوي ، فموضوع إدراك العقل لحسن الطاعة وقبح المعصية هو الأمر المولوي الشرعي ، أما لو لم يكن أمر فعلى أي شيء تقع الطاعة والمعصية حتى يدرك