ومعصية مستقلّة ، فحينما يكرم عالما ولا يكرم آخر يكون مطيعا وعاصيا ، فهو مطيع لإكرامه العالم الأول وعاص لعدم إكرامه الثاني.
أمّا لو كان العموم مجموعيا فالأمر يختلف تماما ، فلو كان عنوان العلماء في المثال لوحظ بنحو العموم المجموعي فإن الحكم لا ينحلّ بعدد أفراد الموضوع ؛ وذلك لأنّ المجموع بما هو مجموع موضوع للحكم ، فلا يوجد إلاّ موضوع واحد وحكم واحد ، ولهذا لا يوجد إلاّ طاعة واحدة ومعصية واحدة ، أي أنّ المكلّف إن أكرم جميع العلماء دون استثناء فهو ممتثل ومطيع وإن أكرم بعضهم ولم يكرم البعض الآخر فهو عاص ، أي كأنّه لم يكرم أحدا ؛ إذ أنّ موضوع الوجوب هو المجموع فلا يتحقّق الامتثال إلاّ بإكرام المجموع.
وباتّضاح الفرق بين العموم الاستغراقي والعموم المجموعي يتّضح ما ذكرناه من أنّ العموم في « العباد » عموم استغراقي فيكون الحكم في الرواية ـ والذي هو الوضع عن المكلّفين ـ منحلا بعدد أفراد العباد الذين يتّفق اختفاء حكم عنهم.
ومنها : رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : « كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه » (١).
__________________
(١) الوسائل باب ٤ من أبواب ما يكتسب به ح ١ ، والرواية معتبرة لاعتبار بعض طرقها مثل طريق الشيخ الطوسي رحمهالله ، أمّا طريق الشيخ الصدوق رحمهالله فيمكن الخدشة فيه ؛ وذلك لأن طريقه إلى الحسن بن محبوب تمّ بواسطة شيخه محمّد بن موسى بن المتوكّل إلاّ أنّه يمكن توثيقه بدعوى ابن طاووس الاتفاق على وثاقته.