متى يجوز عقلا التعجيز؟
والغرض من عقد هذا البحث هو بيان الموارد التي يحكم العقل فيها بجواز تعجيز النفس عن إيجاد الواجب والموارد التي يحكم العقل فيها بعدم جواز التعجيز.
والمراد من تعجيز النفس هو أن يوجد المكلّف ما يوجب انسلاب قدرته عن الإتيان بالمأمور به. والمراد من القدرة الأعم من القدرة التكوينيّة كأن يؤخر الآفاقي سفره إلى مكة المكرّمة إلى حد لا يمكن معه أداء مناسك الحج في وقتها ، إذ أنّ أداء مناسك الحج في ذي الحجة متوقف تكوينا بالنسبة للآفاقي على السفر إلى مكّة المكرّمة قبل وقت أداء المناسك.
أو القدرة الشرعيّة والتي تعني القدرة على الإتيان بالواجب مقترنا بالقيد الشرعي ، ويمكن التمثيل له بمن يشرب عمدا ما يوجب التقيّء في نهار شهر رمضان ، أو يفعل ما يوجب فقدان الوعي في تمام وقت الصلاة.
وباتّضاح ما ذكرناه نقول : إنّ تعجيز المكلّف نفسه عن إيجاد الواجب يمكن تصويره في موردين :
المورد الأوّل : أن يوجد المكلّف ما يوجب تعجيز نفسه عن إيجاد الواجب بعد تحقّق الفعليّة للوجوب ، وفي مثل هذه الحالة لا إشكال في عدم جواز تعجيز النفس عقلا ؛ وذلك لأنّ المكلّف لمّا كان مسؤولا عن الإتيان بالواجب فإن تعجيز النفس يساوق ترك الواجب اختيارا ، وهذا هو معنى المعصية والتي يحكم العقل بقبح صدورها من العبد.