ومن الموارد التي يستشكل على هذه القاعدة مورد تخلّف الوصف حيث قالوا بصحّة المعاملة ، غاية الأمر إنّ تخلّف الوصف ـ مثل تخلّف الشرط ـ يوجب الخيار.
فلو قال : بعتك هذا العبد الكاتب ، فظهر أنّه ليس بكاتب ، فما قصداه هو العبد الكاتب ، وما هو الموجود ووقع على فرض صحّة هذه المعاملة غير ما هو المقصود.
وذلك من جهة أنّ واجد قيد غير فاقدة ، فما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد ، فليست العقود تابعة للقصود.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ في مورد تخلّف الوصف ـ الذي هو عبارة عن بيع عين شخصيّة على أن تكون متّصفة بصفة كذا ـ أيضا التزامين وقصدين : أحدهما : تعلّق بنقل هذه العين الخارجيّة. والثاني : تعلّق بكونها متّصفة بصفة كذا ، غاية الأمر إنّ أحد الالتزامين مربوط بالآخر.
وليس هاهنا التزامين مستقلّين ، بحيث يكون أحدهما أجنبيّا عن الآخر ، بمعنى أنّه باع هذه العين والتزم بصيرورتها ملكا للمشتري مقابل العوض المسمّى والتزم أيضا كونها متّصفة بكذا والتزم المشتري بانتقالها إليه مقابل ذلك العوض الذي سمّياه ، ولكن كان هذا الالتزام منه في ظرف التزام البائع بكونها متّصفة بكذا ، فالتزامه مربوط بالتزام البائع بكونها متّصفة بصفة كذا.
فإذا لم يكن المبيع كذلك وكان فاقدا لتلك الصفة ، فهو ـ أي : المشتري مثلا ـ بالخيار في أن يقبل هذا الانتقال ويبرم العقد ويرفع اليد عن تخلّف ذلك الوصف ، أو يفسخ ويحلّ العقد من جهة عدم التزامه بقبول الفاقد للوصف مقابل ذلك العوض المسمّى كي يلزمه ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) بلزوم القبول وعدم جواز الحلّ والفسخ ، فما وقع
__________________
(١) المائدة (٥) : ١.