والمراد بقوله عليهالسلام : « من بعد يمين » ظاهر في يمين المدّعي. واحتمال كون المراد منه يمين الوصي بعيد لا يعتنى به ، بل لا مجال له ، لأنّ الحلف على مال الغير لا مورد له أوّلا ، وثانيا : لا حلف إلاّ عن بتّ ، ولا يمكن حصول البتّ للوصي ، ولو كان الاحتمال أنّ المدّعي برأ ذمّة الميّت بعد موته ثمَّ ندم ويدّعي.
فالإنصاف أنّ دلالة الروايتين على هذا الحكم ـ أي يمين المدّعي على الميّت على بقاء حقّه عليه ، وأنّه لم يوفه ، وهو أي المدّعي ، لم يبرئه بعد قيام البيّنة من طرف المدّعي على حقّه على الميّت ـ واضحة لا ارتياب فيه.
وأمّا ضعف السند في موثّقة عبد الرحمن البصري ـ لو كان ـ فمنجبر بعمل الأصحاب ، وقد حقّقنا هذه المسألة في كتابنا « منتهى الأصول » (١). مضافا إلى أنّ رواية الصفار صحيحة ، فلا إشكال لا من ناحية السند ، ولا من ناحية الدلالة.
نعم هاهنا فروع في هذه المسألة بحث الفقهاء عنها في كتاب القضاء :
منها : أنّه هل هذا الحكم ـ أي : الاحتياج إلى ضمّ يمين المدّعي إلى البيّنة لإثبات ما يدّعيه ـ مختصّ بالديون ، أو يجري في الأعيان أيضا؟
ومنها : أنّ أثر الحلف نفي احتمال الوفاء وأداء الميّت في حال حياته فقط ، أو أنّ أثره نفي جميع الاحتمالات حتّى احتمال الإسقاط والإبراء بعد الموت؟
ومنها : أنّه لو أقام المدّعي شاهدا واحدا ولم يحصل له شاهد آخر ، فهل هذا اليمين يكفي لانضمامه إلى ذلك الشاهد الواحد ، أو يحتاج إلى يمين آخر ، لأنّ هذا اليمين يمين استظهار؟
ومنها : أنّ هذا الحكم مختصّ بالدعوى على الميّت ، أو يتعدّى إلى المجنون
__________________
باب شهادة الوصي للميّت و. ، « تهذيب الأحكام » ج ٦ ، ص ٢٤٧ ، ح ٦٢٦ ، باب البيّنات ، ح ٣١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٨ ، ص ٢٧٣ ، أبواب كتاب الشهادات ، باب ٢٨ ، ح ١.
(١) « منتهى الأصول » ج ٢ ، ص ٩١.