بهذه الإشارة ، ولذلك يكون الأخرس العاجز عن الكلام إقراره بالإشارة.
والحاصل : أن الإقرار عبارة عن إثبات الشيء ، أي جعله ذا قرار وثبات سواء أكان هذا الإثبات بالقول أو بالفعل ، غاية الأمر حجية ظواهر الأقوال معلومة وعليها بناء العقلاء وسيرتهم ، سواء كان المراد مدلولا مطابقيا للفظ ، أو مدلولا التزاميا. وأما الأفعال فليست كذلك ، فلا بد وأن يكون الفعل الذي يتحقق به الإقرار صريحا فيه ، لا يكون ذا وجوه بحيث أن العرف يرى أنه أقر واعترف بما ادعاه المدعي.
وبعبارة أخرى : يكون ذلك الفعل في نظر العرف وعندهم مصداقا لمفهوم « الإقرار » ويحمل عليه مفهوم « الإقرار » بالحمل الشائع. ولا فرق في ذلك بين أن يكون المقر عاجزا عن الكلام كالأخرس ، أم لا ولكن أقر بالفعل لا بالقول لجهة أخرى غير العجز ، فكذلك الأمر في الكتابة ، فإن كانت عند العرف صريحة في الإقرار بحيث لا يشكون في أنه أقر بذلك ، أيضا يثبت بهذا الإقرار ، وحيث أن الإقرار عبارة عن الإخبار بثبوت مال أو حق ـ سواء كان حق الناس أو حق الله على نفسه أو لنفسه ـ أو الإخبار بثبوت أمر يستتبع مالا أو حقا على نفسه ، كإقراره بثبوت نسبة بينه وبين غيره ، فكل ما أفاد هذا المعنى عند العرف يسمى إقرارا.
ولعل هذا مراد صاحب الجواهر قدسسره حيث يقول بعد ذكره تعاريف القوم : ولعل الأولى من ذلك ـ أي : من تلك التعاريف ـ إيكاله إلى العرف الكافي في مفهومه ومصداقه. فبناء على هذا لو فهم العرف من الكتابة مثل المعنى الذي ذكرنا وصدق بأنه إقرار ، فتكون تلك الكتابة إقرارا. (١)
الأمر الثاني : هل نفي الحق عن نفسه ، أو نفي المال ، أو نفي النسبة بعد إقرار الطرف بثبوت هذه الأمور له يعد إقرارا على نفسه كي يكون جائزا ونافذا عليه ، أم
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٣٥ ، ص ٢.