لا يمكن إقامة البيّنة ويتعذّر ، بل أعمّ منه وممّا يتعسّر ، ففي القسم الثاني منه يمكن إقامة الشهود غاية الأمر مع التعسّر ، لأنّ التكليف بالأمر المتعسّر أيضا ليس من دأب الشارع وديدنه غالبا ، ولا يناسب الشريعة السمحة السهلة إلاّ فيما تكون المصلحة مهمّة ، بحيث يكون على المكلّف بذل كلّ نفس ونفيس كالجهاد والدفاع مع الكفّار فيما إذا هجموا على المسلمين مثلا.
فبناء على هذا يكون المتعسّر بحكم المعتذّر ، وكون التعسّر حكمة للجعل كثير في الشريعة ، كجعل التيمّم بدلا عن الطهارة المائيّة ، والتقصير والإفطار في السفر ، وأمثال ذلك.
الثالث : الأخبار أنّه وردت أخبار على أنّ الحيض والعدّة إلى النساء كصحيح زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام : « العدّة والحيض للنساء إذا ادّعت صدّقت » (١) وقول الصادق عليهالسلام في تفسير قوله تعالى ( وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ ) (٢) « قد فوّض الله إلى النساء ثلاثة أشياء : الحيض ، والطهر ، والحمل » (٣).
ومعلوم أنّ تفويض هذه الأمور إلى النساء من جهة أنّها لا تعلم إلاّ من قبلهنّ ، وادّعى بعضهم أنّ في بعض هذه الأخبار تعليل قبول قولهنّ في هذه الأمور بتعذّر الإشهاد منهنّ عليها ، لأجل عدم اطلاع غيرهنّ عليها. ومعلوم أنّ هذا الكلام في قوّة أن يقول : لأنّها لا تعلم إلاّ من قبلهنّ ، ولكنّني فتشت بمقدار وسعي ولم أجده.
نعم ورد في رواية محمد بن عبد الله الأشعري قال : قلت للرضا عليهالسلام : الرجل
__________________
(١) « الكافي » ج ٦ ، ص ١٠١ ، باب ان النساء يصدّقن في العدّة والحيض ، ح ١ ، « تهذيب الأحكام » ج ٨ ، ص ١٦٥ ، ح ٥٧٥ ، باب عدد النساء ، ح ١٧٤ ، « الاستبصار » ج ٣ ، ص ٣٥٦ ، ح ١٢٧٦ ، باب أنّ العدّة والحيض إلى النساء. ، ح ١ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٤٤١ ، أبواب العدد ، باب ٢٤ ، ح ١.
(٢) البقرة (٢) : ٢٢٨.
(٣) « مجمع البيان » ج ٢ ، ص ٣٢٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٥ ، ص ٤٤١ ، أبواب العدد ، ب ٢٤ ، ح ٢.