كان مفاد الحديث الشريف ، أعني قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان » فإذا أتى دليل على عدم لزوم كلتا الوظيفتين يخصّصه.
فمنها : دعوى المالك للعامل أداء ما عليه من الزكاة ، فيقبل قوله من دون أن يكون عليه حلف أو بيّنة ، لقول عليّ عليهالسلام لعامله في خبر غياث : « إذا أتيت على ربّ المال فقل : تصدّق رحمك الله ممّا أعطاك الله ، فإن ولّى عنك فلا تراجعه » (١). ولغير خبر غياث ممّا يدل على المقام.
ومنها : دعوى الفقير الفقر، فقالوا : إنّها تقبل بلا أن يكون عليه البيّنة أو اليمين ، لخبر عبد الرحمن العزرمي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : « قال عليهالسلام : « جاء رجل إلى الحسن والحسين عليهماالسلام وهما جالسان على الصفا ، فسألهما فقالا : إنّ الصدقة لا تحلّ إلاّ في دين موجع ، أو غرم مقطع ، أو فقر مدقع ففيك شيء من هذا؟ قال : نعم ، فأعطياه » (٢).
ولمصحّح عامر بن جذاعة : رجل أتى أبا عبد الله عليهالسلام ، فقال : يا أبا عبد الله قرض إلى ميسرة ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « إلى غلّة تدرك؟ » قال : لا ، قال عليهالسلام : « إلى تجارة تؤب؟ » قال : لا والله ، قال عليهالسلام : « عقدة تباع؟ » قال : لا والله ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : « فأنت ممّن جعل الله له في أموالنا حقا » فدعا بكيس فيه دراهم (٣).
تذييل
لا يخفى أنّ ما قلنا ـ من سماع دعوى المدّعي الذي لا يمكنه الإشهاد على ما يدّعيه ،
__________________
(١) « الكافي » ج ٣ ، ص ٥٣٨ ، باب أدب المصدّق ، ح ٤ ، « وسائل الشيعة » ج ٦ ، ص ٩٠ ، أبواب زكاة الأنعام ، باب ١٤ ، ح ٥ ، وص ٢١٧ ، أبواب المستحقّين للزكاة ، باب ٥٥ ، ح ١.
(٢) « الكافي » ج ٤ ، ص ٤٧ ، باب النوادر ( من كتاب النكاح ) ، ح ٧ ، « وسائل الشيعة » ج ٦ ، ص ١٤٥ ، أبواب المستحقّين للزكاة ، باب ١ ، ح ٦.
(٣) « الكافي » ج ٣ ، ص ٥٠١ ، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ، ح ١٤.