مجرد إجمالية اللحاظ وتفصيليته ، كما لو علم بوجوب إكرام زيد كيف ما اتفق أو بوجوب إطعامه بالخصوص فان مفهوم الإكرام ليس محفوظا في مفهوم الإطعام انحفاظ الجنس في النوع.
فالحالة الأولى تدخل في نطاق الدوران بين الأقل والأكثر حقيقة بلحاظ الوجوب بالمقدار الداخل في العهدة وليست من الدوران بين المتباينين ، لأن تباين المفهومين انما هو بالإجمال والتفصيل وهما من خصوصيات اللحاظ وحدوده التي لا تدخل في العهدة وانما يدخل فيها ذات الملحوظ وهو مردد بين الأقل ـ وهو الجنس ـ أو الأكثر ـ وهو النوع.
واما الحالة الثانية فالتباين فيها بين المفهومين ثابت في مرحلة ذات الملحوظ لا في كيفية لحاظهما ، ومن هنا يكون الدوران فيها بين متباينين وان كان الإتيان بأحدهما يساوق الإتيان بالآخر لكونه أخص منه ، وهذا يعني ان العلم الإجمالي ثابت غير منحل حتى بلحاظ ما يدخل في العهدة ، ولكن مع هذا تجري البراءة عن وجوب أخص العنوانين صدقا للانحلال الحكمي بالتقريب المتقدم في الجواب الأخير على المانع الأول أي ان البراءة عن وجوب الأخص لا يعارض بالبراءة عن وجوب الأعم إذ ليس للبراءة عن الأعم دور معقول لكي تصلح للمعارضة ، إذ لو أريد بها التأمين في حالة ترك الأعم مع الإتيان بالأخص فهو غير معقول ، لأن نفي الأعم يتضمن نفي الأخص لا محالة ، وان أريد بها التأمين في حالة ترك الأعم بما يتضمنه من ترك الأخص فهذا مستحيل ، لأن المخالفة القطعية ثابتة في هذه الحالة والأصل العملي انما يؤمن عن المخالفة الاحتمالية لا القطعية.
وهذا البيان ـ كما تقدمت الإشارة إليه ـ يختص بمسلك الاقتضاء ولا يتم بناء على علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة لعدم انحلاله حقيقة ، ولا يجدي فيه الانحلال بلحاظ عالم التطبيق والامتثال وان أحدهما امتثاله لا ينفك عن الآخر فيكون الدوران بلحاظ ما لا بد من الإتيان به خارجا بين الأقل والأكثر لما عرفت من ان الميزان ملاحظة عالم الوجوب الشرعي وما تعلق به لأنه الّذي يدخل في العهدة وبلحاظه يكون الأمر دائرا بين مفهومين متغايرين فيكون احتمال انطباق المعلوم بالإجمال على الأخص منجزا عقلا لا محالة ، وهذه من الفروق المهمة بين المسلكين.