اللفظية الدالة على الحلية في باب المطعومات مثل قوله تعالى ( خلق لكم ما في الأرض جميعا ) (١) مثلا فلا معين في ان يكون النّظر إلى إناطة الترخيص العملي بعدم الوجدان.
ومن الآيات قوله تعالى ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ) (٢) وتقريب الاستدلال بها : ان الإضلال سواء أخذ بمعنى تسجيلهم في الضالين أو خذلانهم والاعراض عنهم المؤدي إلى الضلال قد أنيط بالبيان لهم وظاهره إناطة العقوبة والتبعة بالبيان لهم وهو معنى البراءة ومن ألسنتها بعد ان كان السياق سياق نفي الشأنية ، بل بناء على المعنى الأول تكون مادة الضلال دالة على ذلك ولو لم يكن السياق المذكور. كما ان البيان لهم ظاهر في الوصول والعلم وليس كبعث الرسول كناية عن مجرد الصدور فالاستدلال بها على المطلوب تام. نعم يبقى الكلام في ان مفادها سنخ براءة منافية مع دليل الاحتياط أو محكومة له.
والظاهر انه لو أريد بما يتقون ما يتقونه بالعنوان الأولي فهو مختص ببيان الحكم الواقعي ، ولو أريد به ما يتقونه ولو بعنوان ثانوي استطراقي شمل بيان الحكم الظاهري بإيجاب الاحتياط فتكون البراءة المستفادة من هذه الآية مرتفعة بدليل الاحتياط ، ولا يبعد ان يكون ظاهر ما يتقون هو الأول لا الثاني بقرينة ان الإضلال والعقاب انما يكون بلحاظ مخالفة الواقع دائما (٣).
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٩.
(٢) سورة التوبة : ١١٥.
(٣) الإنصاف ان هذا خلاف الظاهر ، فان ظاهر الآية ان الله لا يضل قوما من دون ان يبين لهم ما ينبغي ان يفعلونه ويتقونه وهذا صادق حتى إذا كان ذلك البيان بيانا لحكم طريقي يحفظ فيه أغراض المولى الواقعية لأن الآية ظاهرها ان المولى لا يؤاخذ أو يخذل من دون بيان واما سنخ البيان فمطلق يشمل كل ما يكون بيانا لما ينبغي الاتقاء منه سواء كان بعنوان أولي أو ثانوي ، نعم ظاهرها عدم الاكتفاء بمجرد حكم العقل بالاحتياط بل لا بد من البيان الشرعي عليه. ثم ان هناك تفسيرا آخر للآية يخرجها عن مجال الاستدلال رأسا وذلك بأن يراد منها ان الله لا يترك أمة بعث فيها نبيا وهداها إلى الإيمان بل سوف يشرع لهم شريعة ورسالة لكي يتقوا ما ينبغي اتقاءه وما يصلح شأنهم فليس النّظر إلى المسئولية والتبعة ليستفاد منه الحكم بالبراءة ومما يشهد على ذلك التعبير بقوله تعالى ( بعد إذ هداهم ) والتعبير ( بأن الله لا يضل قوما ).