ظاهري لا محالة (١).
المقام الثاني ـ في جريان البراءة المستفادة من حديث الرفع في الشبهات الحكمية والموضوعية جميعا ، والكلام عن ذلك يقع في جهتين :
الأولى ـ في إمكان تصوير جامع بينهما ثبوتا.
الثانية ـ في عموم مفاد الحديث إثباتا.
اما الجهة الأولى ـ فالإشكال في العموم انما ينشأ من ناحية ان المشكوك وما لا يعلمونه في الشبهة الحكمية غير المشكوك في الشبهة الموضوعية فانه في الأول هو الحكم وفي الثاني الموضوع الخارجي فكيف نتصور الجامع بينهما.
وقد أفاد صاحب الكفاية ( قده ) : بان الحديث ورد بعنوان ما لا يعلمون واسم الموصول مدلوله يساوق الشيء وهو جامع بين التكليف والموضوع الخارجي لأن كلا منهما شيء لا يعلمونه فيكون مشمولا للحديث إذا كان قابلا للرفع الشرعي.
ثم اعترض عليه : بان الموصول إذا أخذ بمعنى الشيء الجامع بين التكليف والموضوع الخارجي وأسند الرفع إليه يلزم الجمع في الإسناد بين الإسناد الحقيقي والمجازي لأن اسناد الرفع إلى الشيء بمعنى الحكم والتكليف حقيقي ولكن اسناده إليه بمعنى الموضوع الخارجي مجازي عنائي إذ لا يرتفع الموضوع الخارجي حقيقة والجمع بين الأمرين غير معقول.
وقد أجيب على هذا الاعتراض بوجوه :
الأول ـ ما ذكره المحقق الأصفهاني ( قده ) من انه لا بأس بان يكون اسناد واحد من ناحية حقيقيا ومن ناحية أخرى مجازيا لأن التقابل بين الحقيقة والمجاز ليس تقابلا حقيقيا كالأضداد بل بالاعتبار فلا مانع من صدقهما معا في اسناد واحد باعتبارين فإسناد الرفع في الحديث إلى الشيء أي الموصول من حيث انطباقه على التكليف
__________________
(١) لا وجه لهذا الاستظهار بل الظاهر من الموصول ثبوت أمر لا يعلم به المكلف وهو يكفي في الترخيصي له فانه يعلم اما بعدم وجود تكليف واقعا أو انه مرفوع عنه على تقدير وجوده.
كما ان الإطلاق ومقدمات الحكمة كما يكون في طول تحديد مفهوم اللفظ كذلك يكون في طول تحديد متعلق اللفظ وهو الرفع في المقام وانه التكليف الواقعي أو إيجاب الاحتياط بلحاظه فلا يمكن إثبات ذلك بالإطلاق. نعم لو فرض ان الرفع متعلق بالعقوبة والتبعة ولكن احتملنا مع ذلك ان يكون رفعها باعتبار رفع منشئها وهو الحكم الواقعي صح التمسك بالإطلاق المذكور لإثبات ظاهرية الرفع.