بشيء هو الاهتمام به في مرحلة الظاهر أيضا بهذا المقدار. واما سائر الوجوه فهي مخصوصة بالشبهات الحكمية جميعا كما يظهر وجهه بالتأمل فيها.
الا ان هذين الوجهين غاية ما يثبتان لزوم الفحص في الشبهة الموضوعية بمقدار لا يصدق غمض العين عن الحكم والتهرب منه ، هذا كله على مقتضى الأدلة العامة على البراءة في الشبهة الموضوعية.
ولكن وردت روايات خاصة في بعض الأبواب الفقهية تصرح بعدم وجوب الفحص في شبهات موضوعية حتى بهذا المقدار بحيث لو لم يقتنص منها قاعدة عامة في عدم لزوم الفحص في الشبهة الموضوعية فلا أقل من العمل بها في أبوابها.
منها ـ صحيحة زرارة الثانية في الاستصحاب التي ورد فيها ( فهل علي إن شككت في انه اصابه شيء ان انظر فيه؟ قال : لا ولكنك انما تريد ان تذهب الشك الّذي وقع في نفسك ) (١). فانها تدل على جواز غمض العين وعدم لزوم الفحص حتى بهذا المقدار.
ومنها ـ ما ورد أيضا في باب الطهارة والنجاسة عن أمير المؤمنين عليهالسلام يقول ( ما أبالي أبول أصابني أم ماء إذا لا أعلم ) (٢). وهو واضح أيضا في عدم لزوم التصدي والفحص عن النجاسة المحتملة حتى بهذا المقدار.
ومنها ـ روايات عديدة واردة في موارد الشك في تذكية ما يؤخذ من سوق المسلمين أو كونها ميتة أو فيه الميتة ، وهي تصرح بعدم لزوم الفحص والسؤال وانه ليس عليكم المسألة ، وفي بعضها ( ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالته ان الدين أوسع من ذلك ) (٣) فما لم يعلم بأنه ميتة حلال طاهر ، وهي أيضا واضحة في الدلالة على نفي لزوم أصل التصدي والفحص. هذا تمام الكلام في أصل وجوب الفحص.
ويجدر في خاتمة هذا البحث الإشارة إلى أمور :
الأول ـ حول مقدار الفحص اللازم من ناحية السند والنقل ، فهل يجب التصدي لكل احتمال حتى إذا احتمل مثلا وجود رواية في كتاب أدبي أو لغوي أو يكتفى
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ٢ ، ص ١٠٥٤ ، أبواب النجاسات.
(٢) نفس المصدر السابق.
(٣) وسائل الشيعة ، ج ٢ ، ص ١٠٧٢.