أَنْ يقارن بين موارد الاستعمالات ويجتهد في تخريج وتجريد المعاني التي يستعمل فيها اللفظ والتي تستفاد من مجموع تلك المسموعات.
وثانياً ـ انَّ هذه المقالة أساساً لا محصل لها لأنَّ الحدسية تضعيف لقيمة الاخبار فكيف يعقل أَنْ تكون الحجية العقلائية المبنية على الكاشفية والطريقية منوطة بها. بل الصحيح انَّ العقلاء بحسب فطرتهم بنوا أولا على حجية اخبار الثقات في الحسّيّات أولا لأنَّ احتمال الخطأ فيها منفيّ بأصالة عدم الخطّ في الحسّ واحتمال الكذب منفي بالوثاقة ، وامَّا الحدسيات فوثاقة المخبر فيها لا تقتضي أكثر من صدقه في الإخبار عن حدسه فيبقى احتمال خطأ حدسه عن الواقع ولا يمكن نفيه بأصالة عدم الخطأ ، لأنَّ موضوعها الحسّ الّذي يقلّ فيها الخطأ لا الحدس الّذي يكثر فيه الخطأ إِلاّ انَّهم استثنوا عن عدم الحجية في الحدسيات خصوص الموارد التي يكون الحدس فيها متوقفاً على تفرّغ وخبرة واجتهاد لا يمكن توفره عادة لكلّ أحد فكأنَّه بحكمة الانسداد العرفي لباب العلم فيها جعلوا قول أهل الخبرة في مثل هذه الموارد وحدسهم حجة على الآخرين الذين انسدّ عليهم باب العلم ولو باعتبار تفرغهم لاعمال أُخرى ، نعم من لم ينسد عليه ذلك كمن كان بنفسه من أهل تلك الخبرة لا يكون حدس غيره حجة عليه كما هو واضح.
وهكذا يتّضح انَّ حجية قول أهل الخبرة انَّما هو إِلحاق بحجية اخبار الثقة في الحسيّات ، وبناءً عليه فقول اللغوي وشهادته إِنْ كان من باب الشهادة الحسيّة فهو مصداق لحجية الأصل وإِنْ كان من باب الخبروية فهو مصداق لحجية الفرع.
نعم لو فرض انَّ خبرة اللغوي قائمة على مدارك من البحث نظرية اجتهادية نسبتها إلى الفقيه وإليه على حد واحد فلا تكون مثل هذه الخبرة حجة على الفقيه على ما سوف نشير إليه.
فيتحصل انَّ قول اللغوي في هذا المجال حجة بقدر ما يكون شهادة عن حسّ لموارد الاستعمال ولا بدَّ وأَنْ يخضع عندئذ لقانون الشهادة عن الحسّ أي يكون الناقل ثقة ومباشراً أو عن ثقة مباشرة. وامَّا تحقيقاته وأنظاره الاجتهادية فلا تكون حجة على الفقيه لكونه فيها أهل الخبرة أيضا.