وأيا ما كان فالكلام هنا عن منجزية العلم الإجمالي بلحاظ مرحلتي حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية وفي كل منهما يبحث عن ان تأثيره في التنجيز هل هو بنحو العلية أو الاقتضاء.
اما البحث عن المرحلة الأولى وهو حرمة المخالفة القطعية فينبغي أن يعلم ان البحث عن أصل منجزية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة انما يتجه بناء على مسلك المشهور من افتراض قاعدة قبح العقاب بلا بيان العقلية حيث يبحث عن ان العلم الإجمالي هل يصلح لأن يكون بيانا أم لا. واما بناء على مسلكنا القائل بالاحتياط العقلي على أساس حق الطاعة فسوف يكون احتمال التكليف منجزا بحسب افتراض هذا المسلك فكيف بالعلم به فينحصر البحث على هذا المسلك في ان حصول العلم الإجمالي هل يوجب صيرورة التنجيز العقلي المذكور مطلقا وعلى نحو العلية أو يبقى على تعليقيته واقتضائه.
وعلى أي حال فلا ينبغي الإشكال في أصل منجزية العلم الإجمالي بلحاظ حرمة المخالفة حتى على المسلك المشهور القائل بقاعدة قبح العقاب بلا بيان لأن البيان تام بالنسبة إلى المخالفة القطعية لمعلومية الجامع أو الواقع المعلوم بالإجمال أو الفرد المردد حسب المسالك المختلفة في تفسير هوية العلم الإجمالي وما يتعلق به.
وانما الّذي ينبغي البحث فيه تشخيص ان هذه المنجزية هل تكون بنحو العلية أو الاقتضاء. والمشهور بين المحققين علية العلم الإجمالي لحرمة المخالفة وخالف في ذلك المحقق الخراسانيّ مدعيا انه مقتض لذلك وليس علة. والصحيح هو ما ذهب إليه ولكن لا بالنحو الّذي ذهب إليه وبطريقته.
وقد ذكر المشهور وجوها في مقام إثبات العلية وامتناع ورود الترخيص في تمام أطراف العلم الإجمالي ، من قبيل ان ذلك يؤدي إلى الترخيص في المخالفة القطعية وهي معصية والترخيص في المعصية قبيح عقلا وسوف نتعرض إلى هذه الوجوه ومناقشتها بعد توضيح ان منهج البحث في المسألة ينبغي أن يكون بالرجوع إلى بحث الجمع بين