بالمعروف بل يدلّ بحسب ظهوره الحالي على انَّه ناظر إلى النكات التشريعية الكبروية نفياً أو إثباتاً فيكون لسكوته وعدم ردعه ظهور في إمضاء تمام النكتة العقلائية للسيرة.
الجهة الخامسة ـ يظهر من مجموع ما تقدّم عدة فوارق بين سيرة المتشرعة وسيرة العقلاء.
ومن جملتها انَّنا حينما نريد أَنْ نستدلّ بسيرة المتشرعة لا بدَّ وأَن نثبت استقرار بناء المتشرعة وعمل أصحاب الأئمة والأجيال المعاصرة لهم على ذلك العمل ، وامَّا السيرة العقلائية فيكفي فيها أَنْ نثبت انَّ الطباع العقلائية لو خليت ونفسها ولم تردع لكان مقتضاها عمل ما وإِن كان بالفعل لم يجرِ أصحاب الأئمة والعقلاء في زمانهم على ذلك فانَّ هذا نثبته بنفس برهان عدم الردع بالشرطية الثانية المتقدمة. وإِنْ شئت قلت : انَّه يكفي في الاستدلال بالسيرة العقلائية أَنْ نثبت انَّ الطباع العقلائية لو خليت ونفسها ومن دون ردع كانت تقتضي جري العقلاء عليها ولا نحتاج ـ في الركن الأول ـ إلى أكثر من ذلك وإثبات انَّ العقلاء في زمن الأئمة بالفعل كانوا يعملون طبقاً لتلك الطبيعة كما نحتاجه في السيرة المتشرعية لأنَّ نفس ثبوت القضية الطبيعة العقلائية مع عدم وصول ردع عنها كاف في الكشف عن إمضاء الشارع لمقتضاها.
ومن الفوارق انَّ سيرة المتشرعة إذا استكملت شرائطها فلا معنى لاحتمال الردع فيها لأنَّها تكشف عن البيان الشرعي كشف المعلول عن علّته فهي وليدة البيان الشرعي على وفقها فكيف يحتمل الردع عنها وهذا بخلاف سيرة العقلاء فانَّ انعقادها ليس معلولاً للشارع بل لقضية عقلائية فيحتمل الردع عنها شرعاً.
وينبغي أَنْ يعلم انَّ ما نجعله سيرة متشرعة له أحد معنيين :
١ ـ سيرة المتشرعة بنحو يكون تشرعهم حيثية تعليلية للسيرة نظير سيرتهم على الجهر بصلاة الظهر من يوم الجمعة لو فرضت وهذه سيرة المتشرعة بالمعنى الأخص.
٢ ـ السيرة التي مارسها بالفعل المتشرعة وجرى عليها سواءً كان ذلك لتشرعه أو بمقتضى طبعه ، ومثاله سيرة المتشرعة من أصحاب الأئمة على العمل باخبار الثقات