وامَّا على ضوء الروايات الخاصة فقد يستدلّ على حجيتها بعدة وجوه :
الوجه الأول ـ التمسّك بمقبولة عمر بن حنظلة حيث جاء فيها قوله عليهالسلام « ينظر إلى ما كان من روايتيهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك فان المجمع عليه لا ريب فيه » (١).
والاستدلال بها موقوف على تمامية مقدمتين :
أولاهما ـ أن يراد بالإجماع الإجماع النسبي المساوق مع الشهرة إلحاقاً للمخالف النادر بالعدم والقرينة التي قد تدعى على ذلك انَّه قد فرض في الرواية وجود الشاذ النادر في قبال المشهور عند الأصحاب فيكون قرينة على أنَّ المراد بالمجمع عليه في الذيل ( فان المجمع عليه لا ريب فيه ) هو المشهور أيضا.
الثانية ـ انَّ الرواية وإِن كانت في مورد الشهرة الفتوائية إِلاّ انَّ قوله ( فان المجمع عليه لا ريب فيه ) مسوق مساق التعليل وهو يقتضي التعميم وحمل الكلام على انَّ كلّ مشهور لا ريب فيه فتثبت حجية الشهرة وكلتا المقدمتين باطلتان.
امَّا الأُولى ـ فلان الشهرة في إطلاق الرواية يراد منها المعنى اللغوي المنطبق على الإجماع أيضا ، وما قيل من القرينة غير صالح لذلك لأنَّ النّظر فيها إلى الشهرة الروائيّة لا الفتوائية وفي باب الرواية يعقل الاتفاق والإجماع على نقل رواية مع وجود رواية شاذة يتفرد بنقلها بعض أولئك لا كلهم وليست الرواية كالفتوى ليكون وجود النقل الشاذ منافياً مع الاتفاق على نقل الرواية المشهورة ومعه لا موجب لحمل قوله عليهالسلام ( فان المجمع عليه لا ريب فيه ) على الشهرة الاصطلاحية أصلاً.
وامَّا الثانية ـ فلأنَّ نفي الريب يوجد فيه أربعة احتمالات :
١ ـ أن يراد نفي الريب الحقيقي بمعنى الشك حقيقة ، ويكون المعنى ان الرواية المجمع عليها في النقل لا شك في صدورها وصحّتها إطلاقاً ، وهذا هو ظاهر الكلام وهذا انَّما يكون مخصوصاً بالشهرة الروائيّة بالمعنى الّذي ذكرناه ولا يتمّ في الشهرة الفتوائية لوضوح عدم انتفاء الريب الوجداني فيها.
__________________
(١) وسائل الشيعة ، ج ١٨ باب ٩ من أبواب صفات القاضي ، حديث ١.