والكلام حول المقدار الّذي يثبت حجيته من اخبار الآحاد يقع على ضوء المسالك المختلفة في مدارك وأدلة حجية خبر الواحد المتقدمة وذلك على التفصيل التالي :
١ ـ أَن يكون مدرك الحجية مثل آية النفر والكتمان ، فانَّه على أساس ذلك تثبت الحجية لمطلق الخبر والإنذار فيكون مقتضى الأصل الأوّلي حجية كلّ خبر إِلاّ ما يخرج بالدليل الخاصّ ، والدليل المخصص قام في خصوص خبر الفاسق. فانَّه مضافاً إلى الإجماع والتسالم على عدم حجية اخباره يقتضيه منطوق آية النبأ حيث أمرت بالتبين عنه الّذي هو إرشاد إلى عدم الحجية وهذا لا إشكال فيه كبروياً ، إِلاّ انَّ الكلام في المراد بالفاسق فهل المراد منه الفسق الشرعي أو الفسق الخبري أي غير الثقة. امَّا الإجماع والتسالم فمتيقنه الأخير وامَّا آية النبإ فأيضاً يمكن تقريب ذلك فيها بأحد وجهين :
أولهما ـ تشخيص ذلك على أساس مناسبات الحكم والموضوع للحكم المبين فيها ، حيث انَّ الفسق الخبري هو الميزان المناسب في التوقّف والتثبّت عن اخبار المخبر خصوصاً وكلمة الفاسق لم يكن بعد قد اصطلح فيها على المعنى الشرعي وانَّما كان يراد بها المعنى اللغوي العام من مطلق الانحراف والمروق فيعين بمقتضى المناسبات المذكورة في الانحراف في مقام الاخبار المساوق مع عدم التورع عن الكذب والافتراء ولا أقلّ من انَّها توجب احتمال ذلك وإجمال المخصص المنفصل.
ثانيهما ـ استظهار ذلك بقرينة التعليل في ذيلها بالجهالة التي تكون بمعنى السفاهة جزماً أو احتمالاً على أقلّ تقدير ، والسفاهة انَّما تكون في التعويل على خبر غير الثقة لا الثقة وإِنْ كان فاسقاً من سائر الجهات.
٢ ـ أَن يكون مدرك الحجية مفهوم آية النبأ. وعلى هذا الأساس تثبت حجية خبر غير الفاسق وحينئذ إِنْ تمَّ استظهار حمل الفسق فيها على الفسق الاخباري بأحد الوجهين المتقدمين فالنتيجة هي النتيجة على المدرك السابق ، وإِلاّ بأَن كان مجملاً مردداً بين المعنيين فضلاً عمّا إذا استظهر المعنى الشرعي فلا يمكن إثبات حجية خبر غير