عن المعصوم لا نفس السيرة. وواضح انَّ هذه العناية بحاجة إلى أَنْ تكون السيرة معاصرة لزمن التشريع وموجودة في زمن المعصوم عليهالسلام فلا تنطبق على السير المستحدثة والمتجددة فيما بعد زمانهم فهناك ركنان لا بدَّ من توفرهما لتتمّ دليليّة هذه السيرة.
١ ـ إثبات معاصرتها مع زمن يكون فيه المعصوم ظاهراً يتّخذ المواقف الفقهيّة تجاه أمثالها إثباتاً أو نفياً.
٢ ـ فحص الموقف الملائم الّذي أقلّه السكون ليرى انَّه ما هي الحدود التي يمكن أَنْ يستكشف منه الإمضاء وكيفيّته ، وسوف يقع الحديث عن هذين الركنين مفصلاً.
ولعلّه بما ذكرناه يتّضح الجواب على ما قد يتساءل عنه من انَّه لما ذا يحرص الفقهاء في الاستدلال بمثل هذه الأدلة اللبيّة على التمسّك بالسيرة العقلائية القديمة دون السيرة العقلائية المستحدثة مع أنَّ وضع العقلاء في تقدم ونضج وتزايد خبراتهم الفكرية والاجتماعية والقانونية فلا يتمسّك مثلاً بالارتكاز العقلائي الحديث الّذي يرى في بعض الاختصاصات المعنوية حقوقاً كحقّ التأليف والنشر على حدّ الاختصاصات المادية الساذجة المتمثلة في الحيازة مثلاً.
فانَّ هذا الكلام انَّما يصحّ فيما إِذا كان الاستدلال بالسيرة العقلائية بما هي سيرة للعقلاء ومتابعة لهم لا بما هي كاشفة عن موقف الشارع وقد عرفت انَّ الّذي يفيد في مجال استنباط الحكم الشرعي هو الثاني لا الأول وهو موقوف على معاصرة السيرة زماناً لعصر التشريع.
وقد يقال : انَّ الشارع قد أمضى السير العقلائية المعاصرة له لا بوصفها الشخصي بل بوصفها النوعيّ العقلائي بمعنى انه يفهم من عدم تصدّي الشارع لبيان أحكام وتأسيس تشريعات في أبواب متعددة من الحياة ممّا للعقلاء شأن فيه انَّه قد تركها إِليهم وحوّل على ارتكازاتهم فيكون هذا إمضاءً إجماليّاً لما ينعقد عليه بنائهم إِلاَّ ما ثبت جزئيّاً عدم متابعة الشارع لهم فيه وردعهم عنه.
وفيه : أولا ـ انَّه لم يثبت سكوت الشارع عن أعصار الأحكام والتشريعات في ساير الموارد التي يراد التحويل فيها على السيرة العقلائية بل قد بينت أحكامها أيضا أو ورد ما يحتمل صدوره عن الشارع في مقام بيانها ولو بنحو العموم والإطلاق أو القاعدة