فالظاهر ان كل من يجب التستر عنه يحرم النظر الى عورته ، من غير فرق بين كونه مكلفا بالتستر أو لا كالمجنون وشبهه ، ولا بين كونه مسلما أو كافرا ذكرا أو أنثى ، فيحرم النظر الى عورات المميزين ، وإن كان إقامة الدليل عليه من السنة في غاية الإشكال ، لكن قد يستدل عليه بقوله عليهالسلام : « لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه » و « عورة المؤمن على المؤمن حرام » بدعوى دخوله تحت لفظ الأخ والمؤمن ، وخروجه عن الحكم التكليفي للإجماع غير قادح ، وبقوله : « من نظر الى غير أهله متعمدا أدخله الله » الى آخره وبقوله عليهالسلام (١) : « ادخله بمئزر وغض بصرك » وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا علي إياك ودخول الحمام بغير مئزر ملعون ملعون الناظر والمنظور إليه » الى غير ذلك ، إلا أن الكل لا يخلو من نظر ، فالمسألة لا تخلو من إشكال ان لم يقم إجماع يقطع به الأصل ، ولم أعثر على دعواه في المقام فتأمل.
وأما ما عن بعضهم من جواز النظر إلى عورة غير المسلم للأصل ، والظاهر بعض الأخبار المتقدمة ، مضافا إلى تصريح بعضها كقول الصادق عليهالسلام (٢) : « النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار » وفي آخر عنه عليهالسلام (٣) أيضا « إنما أكره النظر إلى عورة المسلم ، فان النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة الحمار » فضعيف ، كما عن الشهيد في الذكرى ، أخذا بإطلاق بعض الروايات (٤) المنجبرة بإطلاق الفتوى والإجماع ، فلا يجسر على تقييد ذلك بهاتين الروايتين مع ما فيهما من الإرسال وعدم الجابر ، وبذلك يضعف المفهوم المتقدم لو قلنا بحجية مثله ، وبان مقتضاه عدم وجوب التستر عن الكافر ، ولم يقل به أحد ، وأيضا ففي بعض الروايات السابقة ان النظر سبب الإيقاع في الزنا ، ولعل حرمته من هذه الجهة ، فلا
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب الحمام ـ حديث ٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب آداب الحمام ـ حديث ١.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٦ ـ من أبواب آداب الحمام ـ حديث ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣ ـ من أبواب آداب الحمام ـ حديث ٥.