ان المراد من ثلاثة أحجار ثلاثة مسحات ، نحو قوله اضربه عشرة أسواط ، ولأنها إن انفصلت أجزأت قطعا وكذا مع الاتصال ، وبالنبوي (١) « إذا جلس أحدكم لحاجته فليمسح ثلاث مسحات » وبأنه يجوز الاستنجاء به لثلاثة ويعد بالنسبة إلى كل واحد منهم حجرا ، فكذلك الواحد ، وبان المقصود إزالة النجاسة وقد حصلت ، وربما أيد بالمطلقتين السابقتين ، وبأنه إذا غسل أجزأ وان تمسح بالجهة التي استنجى بها ، فكذا قبل الغسل إذا تمسح بالباقيتين ، (٢).
واعترض علي سائر هذه الأدلة بعض المتأخرين بما ليس خفيا على المستدل بها ، بل المقصود منها حصول الظن ببقاء هذا الفرد على مقتضى إطلاق المعتبرتين المتضمنتين للاكتفاء بالنقاء وحصول الإذهاب ، وذلك بان يقال : ان مقتضاهما الاجتزاء بكل ما يحصل به النقاء والإذهاب ، إلا انه لمكان بعض الأخبار المنجبرة بفهم المشهور ، وهي قوله عليهالسلام جرت السنة ونحوها خالفنا بعض مقتضاها ، فيبقى غيره داخلا ، إذ قوله : عليهالسلام « يجزيك من الاستنجاء بثلاثة أحجار » يقتضي بظاهره أمورا ، منها تعدد المسح ، ومنها تعدد الممسوح به ، ومنها كونه بالحجر لا بغيره ، ومنها كون الممسوح به منفصلا بعضه عن بعض ، ( أما الأول ) فيمكن القول به وان حصل النقاء بدونه ، لمكان انجبار الرواية بما سمعت سابقا من الشهرة ، ومثله الثاني دون الثالث لما سمعت من دعوى الشهرة بل الإجماع على الاجتزاء بكل جسم ، ( وأما الرابع ) فكذلك لمكان الشهرة المنقولة عن الروض ، واستبعاد الفرق بين الاتصال والانفصال ، بل
__________________
(١) ما وجدناه في كتب الأخبار.
(٢) والظاهر أن العمدة في الاستدلال على الاجتزاء بذي الشعب انما هو القطع العادي بعدم الفرق بين الاتصال والانفصال بالنسبة إلى الطهارة ، وما يقال : ان الفارق النص ، وان الغالب في العبادات خصوصا الطهارة رعاية جانب التعبد فيه ان الغالب خلافه ، كما لا يخفى على من لاحظ باب التراوح وغيره. ( منه رحمهالله ).