سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : « كان الحسين بن علي عليهالسلام يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغسل » كخبره الآخر (١) « كان يستنجي من البول ثلاث مرات ، ومن الغائط بالمدر والخرق » لكن الاستدلال بهذه محتاج إلى التتميم بعدم القول بالفصل ، ولم أعثر على مدعيه في المقام ، بل استحسنه صاحب الذخيرة ، سوى ما نقل عن المصابيح من دعواه ، أو يقال : انه يفهم من ملاحظة جميعها جواز الاستنجاء بكل جسم مزيل ، وعن سلار « أنه لا يجزي في الاستجمار إلا ما كان أصله الأرض ».
وربما ظهر من المنقول عن ابن البراج جواز استعمال الخرق والقطن إذا لم يتمكن من الأحجار ، ويردهما ما سمعت من الأخبار ، سيما قوله في خبر زرارة : انه عليهالسلام كان يتمسح بالكرسف المعتضدة بالإجماعين المنقولين وفتوى المشهور ، بل نسبه في المنتهى إلى أكثر أهل العلم ، مع ما في كلام سلار من الاجمال ، وعن الشهيد في البيان أنه فسره بالأرض وما ينبت فيها ، واستحسنه ، وكان ما نقل عن ابن الجنيد « اني لا اختار الاستنجاء بالآجر والخرق إلا أن يلابسه طين أو تراب يابس » ليس صريحا في الخلاف وكذلك ما نقل عن السيد رحمهالله أنه قال : « يجوز الاستنجاء بالأحجار أو ما قام مقامها من المدر والخرق والخزف » إذ لعل المراد بقوله أو ما قام مقامها أي في الإزالة ، لكن يظهر من بعضهم انه فهم منه المخالفة ، وربما أيد بأنه مقتضى الجمع بين الأخبار بحمل المطلق على المقيد ، وفيه ـ مع ان الذي اشتملت عليه الروايات أزيد مما ذكره السيد ـ ان ما ذكرنا من الأخبار لا تقيد فيها حتى يحكم على المطلق ، فإن روايتي الفعل عدم دلالتهما على التقييد واضحة ، إذ فعلهم عليهمالسلام قد يكون اتفاقيا ، لأنها كانت متيسرة لهم ، وكذلك خبر ليث ، فان مفهومه دال على جواز الاستنجاء بالعود ، ومن العجب أن صاحب الحدائق توقف في الحكم قائلا أن إطلاق الروايتين يمكن تقييده
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٦ ـ من أبواب أحكام الخلوة ـ حديث ٦.