كلامه أن الاستصحاب حجة مع الظن بالمستصحب ، أما مع العكس فليس حجة ، وهو على تقدير تسليمه لا دلالة فيه على المخالفة هنا ، إذ ارتفاع الاستصحاب بناء على مختاره لا يلزم منه ارتفاع الوجوب ، لما عرفت من عدم انحصار الدليل عليه فيه ، بل الآية ويقين الشغل كافيان في إيجابه ، وما في شرح الدروس من أن الأصل براءة الذمة مما لا ينبغي أن يصغى إليه ، لانقطاعها بيقين الشغل ، والشك في حصول الشرط شك في المشروط ، على أن كلام البهائي في مرتبة من الضعف تسقطه عن درجة الاعتبار ، إذ هو في الحقيقة اجتهاد في مقابلة النص ، لصراحة الروايات (١) بعدم نقض اليقين إلا باليقين ، وما في شرح الدروس أنه يستفاد من مفهوم قوله عليهالسلام (٢) « لا تنقض اليقين بالشك » جواز نقضه بغيره ضعيف جدا ، إذ هو بعد تسلم أنه من المفاهيم المعتبرة غير صالح لمعارضة غيره من الأدلة ، وكيف مع قوله عليهالسلام بعده : ( ولكن تنقضه بيقين آخر ) هذا كله مع تسليم أن الشك يراد به ما هو المعنى المتعارف في ألسنة المصنفين من التردد مع مساواة الطرفين ، وإلا فلا إشكال بناء على ما قيل انه في اللغة للأعم من الشك والظن كما عن القاموس والصحاح لتفسيرهما إياه بأنه خلاف اليقين ، بل قد يؤيده إطلاقه عليه في بعض الروايات (٣) كما أن الظاهر أنه في العرف العام كذلك ، فتأمل جيدا.
ولقد وقع للمصنف في المعتبر من الاستدلال على ما نحن فيه من يقين الحدث بما يحتاج إلى انطباقه عليه إلى تكلف شديد بل حمله على السهو أولى منه ، وقد ظهر لك مما تقدم في شرح عبارة المتن أنه لا امتناع في اجتماع اليقين والشك في زمن واحد بعد اختلاف متعلقهما ، فما أطنب فيه بعض المتأخرين من علاج هذا الاشكال بما هو غير سديد ، وآخر غير مفيد ، وثالث مآله إلى ما يريد كأنه في غير محله ، إذ هو
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب نواقض الوضوء.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب نواقض الوضوء ـ حديث ١.
(٣) المستدرك ـ الباب ـ ٣٨ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١.