نعم لو حصل الإسناد إلى كل منهما مستقلا بالنسبة للغسل الواحد اتجهت الصحة ، لما عرفت أنه يكفي فيها تحقق النسبة ، ولا يقدح فيها تحققها للغير مع تسليم صحة الفرض ، وبعد أن عرفت ذلك المدار فلا حاجة للإطالة والإكثار في الأمثلة في المقام من صب الإنسان والحيوان المعلم وغير المعلم ومن إراقة الإنسان الماء من ميزاب أو نحوه إلى غير ذلك ، فتأمل جيدا.
ثم ان الظاهر من عبارة المصنف وغيرها في بادئ الرأي حرمة تولي الغير الوضوء إلا أن التأمل فيها يقضي بأن مرادهم من ذلك الفساد وعدم الجواز لو اكتفي بالصلاة فيه أو قصد التشريع أو نحو ذلك ، وأما الحرمة الذاتية فلا أعرف دليلا عليها ، وظاهر هذه العبارات لا وثوق به في نحو هذه المقامات ، ويمكن الاستدلال عليه مع أصل المسألة من عدم جواز التولية بخبر الحسن بن علي الوشاء (١) قال : « دخلت على الرضا عليهالسلام وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ للصلاة ، فدنوت منه لأصب عليه ، فأبى ذلك ، فقال : مه يا حسن ، فقلت : لم تنهاني أن أصب على يديك ، تكره أن أوجر ، قال عليهالسلام : تؤجر أنت وأوزر أنا ، فقلت : وكيف ذلك؟ فقال عليهالسلام : أما سمعت الله عز وجل يقول (٢) ( فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) وها أنا إذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد » لقوله فيها : ( وأوزر أنا ) بحمل الصب فيها على الصب على أعضاء الوضوء ، ويحتمل قويا أن يراد بالصب الصب في الكف ، لكونه المتبادر المتعارف في مثل ذلك سيما بالنسبة للوجه ، ويحمل قوله : ( أوزر ) على شدة الكراهة بقرينة قوله في آخرها : ( فأكره ) مع أن المكروه بالنسبة إليه كالوزر ، ويؤيده ـ مع فهم الأصحاب منها ذلك كما قيل ـ المرسل (٣)
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١.
(٢) سورة الكهف ـ الآية ١١٠.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٤٧ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.