مؤيدا بما روي (١) « أن الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه » ولا ريب أن من زاد في الوضوء فقد تعدى ، كما يقضي به بعض الأخبار ، لقوله عليهالسلام (٢) فيها بعد أن فرغ من الوضوء : « هذا وضوء من لم يحدث حدثا » وقال الصادق عليهالسلام (٣) في خبر السكوني : « أن من تعدى في الوضوء كان كناقضه » بل قد يستدل عليه بقول الصادق عليهالسلام (٤) لداود بن زربي : « توضأ مثنى مثنى ، ولا تزدن عليه ، فان زدت عليه فلا صلاة لك » وبقوله عليهالسلام في صدر هذا الخبر : إن « من توضأ ثلاثا فلا صلاة له » وإن كان قد يناقش في الأخير بأنه لا يدل إلا على البطلان ، وهو أعم من الحرمة ، بل يمكن المناقشة في النهي المتقدم عن الزيادة بأن النواهي والأوامر في بيان الواجب والمستحب لا تفيد إلا الإيجاب الشرطي وإن كانت حقيقة في الوجوب بالمعنى المصطلح ، كما يشهد بذلك كثرة وورودها في المعاملة ونحوها.
وربما استدل أيضا على الحرمة بأن فيها تفويتا للموالاة ، وقد عرفت وجوبها ، وفيه أنه على تقدير التسليم لا يفيد حرمة الفعل ، بل يقضي بحرمة الترك ، والأمر بالشيء ليس نهيا عن ضده ، على أنه ليس مناف للمتابعة العرفية ، وأيضا قد عرفت عدم وجوبها بمعنى المتابعة ، وذلك لا يتم إلا عليها ، ودعوى أنه يتم أيضا على القول بمراعاة الجفاف ، لأن الغسل الثالث مذهب ومزيل لماء الوضوء الأول مدفوعة بما سمعت من أن المراد بمراعاة الجفاف تقدير زماني ، وأيضا فالحكم معلق على الجفاف ، وهو غير صادق في المقام ، على أن رطوبة الوضوء باقية وإن امتزج معها غيرها ، وكيف كان ففي الأدلة المذكورة كفاية ، ولم نعثر على ما يدل على قول المخالف سوى الأصل ، وقوله
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ١٢.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٣١ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢٤.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٢.