من المفصل ويترك العقب يطأ عليه » وهذا ينادي بمعروفية المفصل بالمعنى المتقدم. والحاصل أن المقطوع به على الظاهر كون محل قطع السارق كعب المشهور لا ما ادعاه العلامة رحمهالله ، فلا مانع حينئذ من حمل المفصل في هذه الرواية عليه ، ويتجه بذلك استدلال الشيخ والمحقق وغيرهما بها على الكعب المشهور بين الأصحاب ، كما أنه يتجه الاستدلال أيضا بروايات القطع ، لما ورد في بعضها (١) أن ( محله الكعب ).
وأما الرواية الثانية فيجاب عن ظاهرها المقتضي للاستيعاب أن استيعاب العرض مجمع على عدم وجوبه ، واستيعاب الطول قد حدد بغيرها من الروايات بكونه إلى الكعب ، وقد عرفت معناه عند الأصحاب فينزل عليه حملا للمطلق على المقيد ، فلا شهادة له فيها حينئذ ، نعم قد يشهد له ما في خبر يونس (٢) « أخبرني من رأى أبا الحسن عليهالسلام بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم الى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم » لظهوره في مغايرة الأعلى للكعب ، وليس إلا المفصل ، لكنه مع قصوره عن معارضة ما تقدم محتمل لإرادة الأعلى فيه رؤوس الأصابع وإن بعد ، أو غير ذلك ، هذا.
ومع ذلك كله فقد وافق العلامة الشهيد في ألفيته بعد أن شدد الإنكار عليه في الذكرى ، والمقداد في كنزه ، والبهائي في أربعينه وحبله ، وهو المنقول عن المحدث الكاشاني والمقدس الأردبيلي ، بل بالغ البهائي رحمهالله في التشنيع على من شنع على العلامة مدعيا أنه ليس في كلمات الأصحاب ولا الأخبار ما ينافيه ، بل في كلمات أهل اللغة والتشريح ما هو صريح فيه.
وحاصل دعواه « أن الكعب يطلق على معان أربعة ( الأول ) العظم المرتفع في ظهر القدم الواقع فيما بين المفصل والمشط ، وهو الذي ذكره عميد الرؤساء من أصحابنا اللغويين في كتابه الذي ألفه في الكعب ، وصريح عبارة المفيد منطبقة عليه. ( الثاني )
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤ ـ من أبواب حد السرقة ـ حديث ٨ ـ من كتاب الحدود.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الوضوء ـ حديث ٣.