لأنّ غايته تخصيص عموم العلّة ، وهو لا يخرجه عن الحجّية في غير موضع التخصيص.
ومنها : الحداء وهو سَوق الإبل بالغناء واشتهر فيه الاستثناء ، وتوقّف فيه جماعة (٢) ، بل صرّح جمع بعدم الحلّية (٣) ؛ لعدم العثور على دليل عليها ، سوى نبوي عامّي (٤) لا يصلح للحجّية ، وهو كذلك ، إلاّ أنّ الأصل وعدم ثبوت الحرمة كلّيةً يكفي للحلّية.
ومنها : الغناء في مراثي الحسين عليهالسلام وغيره من الحجج وأصحابهم ؛ للأصل المذكور المعتمد ، ولأنّه معين على البكاء ، فهو إعانة على البرّ.
فإن قيل : كون الغناء معيناً على البكاء ممنوع ، وإن سلّم إعانة الصوت عليه ولكنّه غير الغناء.
ولو سلّم فكونه معيناً على البكاء على شخص معيّن غير مسلّم ، فإنّه إنّما يكون باعتبار تذكّر أحواله ، ولا دخل للغناء فيه.
ولو سلّم فعموم رجحان الإعانة على البرّ ولو بالحرام غير ثابت.
ولو سلّم فتعارض أدلّته أدلّة حرمة الغناء ، والترجيح للثانية ؛ لأظهريّة العموم أو الأكثريّة ، أو لأجل ترجيح الحرمة على الجواز مع التعارض.
قلنا : أمّا منع كون الغناء معيناً فيخالف الوجد ان ؛ لأنّ من البيّن أنّ لنفس الترجيع أيضاً أثراً في القلب ، كما يدلّ عليه ما في كلماتهم من توصيف الترجيع بالطرب ؛ مع تفسيرهم للإطراب بما يشمل الأحزان أيضاً ، فإنّ حزن القلب من معدّات البكاء ؛ مع أنّه لو قيل : إنّ الغناء هو الصوت
__________________
(٢) منهم صاحب الحدائق ١٨ : ١١٦.
(٣) منهم صاحب الرياض ١ : ٥٠٢.
(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٤٢٧ ، ١٢٣ ، صحيح البخاري ٥ : ١٦٦.