ولا يضر لنا هنا معارضتها بمثلها في ركعتي الظهر من القراءة والركوع والسجود وغيرها ممّا يجب في الركعتين ، إذ غاية التعارض الرجوع إلى التخيير فينتفي الوجوب العيني.
وكذا أصالة عدم توقيف الجمعة ـ على كون ألفاظ العبادات أسامي للصحيحة ـ متعارضة مع أصالة عدم توقيف الظهر أيضا ، حيث إنّه لا تتحقق الظهر الصحيحة مع الجمعة ، ويرجع إلى التخيير.
وأمّا على المختار من أنّها ألفاظ للأعم فتبقى أصالة عدم توقيف الجمعة بلا معارض ، حيث إنّه لا يعلم تحقق صلاة الجمعة ولو بالمعنى الأعم إذا لم يكن الإمام أو نائبه كما يأتي ، بخلاف الظهر بالمعنى الأعم.
الثاني : الإجماع المحقّق ـ المعلوم من تطابق فتاوى الفقهاء جيلا بعد جيل إلى زمن الشهيد الثاني ـ على الاشتراط ، من غير ظهور مخالف ، أو إلاّ شاذّ نادر ، حتّى إنّ صاحب مصائب النواصب (١) ـ مع شدّة اهتمامه في الردّ على الناصبي الطاعن علينا بترك الجمعة ـ لم ينقل القول بالوجوب إلاّ عن الشهيد الثاني. وحتّى إنّ في المختلف لم ينقل إلاّ القول بالحرمة والتخيير (٢). وجعل الأردبيلي الشهيد بلا رفيق (٣). والخوانساري الوجوب من البدع المحدثة في هذه الأزمان ، مع عموم البلوى في المسألة.
وتكثر دعوى الإجماع عليه بل تواتره ، وقد صرّح بالتواتر جماعة (٤) ، بل قيل : أطبق الأصحاب على نقل الإجماع عليه (٥) ، وقد نقلنا فيما سبق خمسة أو ستة
__________________
(١) وهو القاضي نور الله التستري المستشهد في سنة ١٠١٩ ، وألّف كتابه هذا ردّا على كتاب نواقض الروافض لميرزا مخدوم الشريفي.
(٢) المختلف : ١٠٨.
(٣) مجمع الفائدة ٢ : ٣٦٣.
(٤) كما في كشف الغطاء : ٢٥١ ، والرياض ١ : ١٨٣.
(٥) قاله المحقق الداماد في كتاب عيون المسائل ، على ما حكاه في مفتاح الكرامة ٣ : ٦٠.