ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد دفعة ،
______________________________________________________
وعن الثاني بالطعن في السند ، وإمكان تأويلها بما يوافق المشهور. لكن لا يخفى أنه ليس في شيء من تلك الروايات دلالة على انفعال القليل بوروده على النجاسة ، بل ولا على انفعاله بكل ما يرد عليه من النجاسات ، ومن ثم ذهب المرتضى ـ رحمهالله ـ في جواب المسائل الناصرية إلى عدم نجاسة القليل بوروده على النجاسة (١) ، وهو متجه.
وقد استثنى الأصحاب من هذه الكلية أمورا يأتي الكلام عليها في محلها إن شاء الله تعالى.
قوله : ويطهر بإلقاء كر عليه فما زاد دفعة.
المراد بالدفعة هنا وقوع جميع أجزاء الكر في زمان يسير بحيث يصدق اسم الدفعة عليه عرفا ، لامتناع ملاقاة جميع أجزاء الكر للماء النجس في آن واحد.
واكتفى شيخنا الشهيد ـ رحمهالله ـ في الذكرى بإلقاء كر عليه متصل ، ولم يشترط الدفعة (٢). فاعترضه المحقق الشيخ علي ـ رحمهالله ـ بأن فيه تسامحا ، لأن وصول أول جزء منه إلى النجس يقتضي نقصانه عن الكر فلا يطهر ، ولورود النص بالدفعة ، وتصريح الأصحاب بها (٣). وهو غير جيد ، فإنه يكفي في الطهارة بلوغ المطهر الكر حال الاتصال إذا لم يتغير بعضه بالنجاسة وإن نقص بعد ذلك ، مع أنّ مجرد الاتصال بالماء النجس لا يقتضي النقصان ، كما هو واضح.
وما ادّعاه من ورود النص بالدفعة منظور فيه ، فإنا لم نقف عليه في كتب الحديث ، ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال ، وتصريح الأصحاب ليس حجة ، مع أنّ العلامة ـ رحمهالله ـ في التحرير ، والمنتهى اكتفى في تطهير الغدير القليل النجس باتصاله
__________________
(١) المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : (١٧٩).
(٢) الذكرى : (٨).
(٣) كما في جامع المقاصد ( ١ : ١٢ ).