والعذرة إذا امتزجت بالتراب ، وتقادم عهدها حتى استحالت ترابا نظر.
______________________________________________________
والعذرة إذا امتزجت بالتراب ، وتقادم عهدها حتى استحالت ترابا نظر ).
ينشأ من أن اجزاء النجاسة باقية لم تزل ، وإنما تغيرت الصورة ، وكما أن النجاسة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل ، كذا حصول الطهارة موقوف على الدليل ولم يثبت ، ومن أن مناط النجاسة هو تلك الصورة مع الاسم ، لأن أحكام الشرع جارية على المسميات بواسطة الأسماء ، لأن المخاطب بها كافة الناس ، فينزل على ما هو المتفاهم بينهم عرفا أو لغة كما يليق بالحكمة ، ولا ريب أن الذي كان من أفراد نوع الكلب قبل الاستحالة ، بحيث يصدق عليه اسمه ، قد زال عنه ما كان ، وصار في الفرض من أفراد الملح ، بحيث لا يصدق عليه ذلك الاسم ، بل يعد إطلاقه غلطا.
وكذا القول في العذرة بعد صيرورتها ترابا ، فيجب الآن أن يجري عليها الأحكام المرتبة شرعا على التراب والملح ، على أن جميع ما أجمعوا على طهارته من نحو العذرة تصير دودا ، والمني يصير حيوانا طاهر العين ، ونحو ذلك ، لا يزيد على هذا ، فكان التوقف في الطهارة هنا لا وجه له.
وقد خرّج الشارح الفاضل ولد المصنف بقاء النجاسة ، تارة على كونها ذاتية لهذه الأعيان ، وأخرى على أن الباقي مستغن عن المؤثر ، وزوالها على احتياجه (١) ، وهو تخريج غير واضح ، لأن المراد بكون النجاسة ذاتية للشيء حكم الشارع بها ، لا باعتبار طروء شيء آخر عليه ، وهذا لا دخل له في بقاء النجاسة وزوالها ، وليس المراد بكونها ذاتية معنى آخر ، ولو أريد لم يستقم.
وبناء الطهارة على احتياج الباقي غير واضح ، لأن احتياجه في الإبقاء لا يقتضي زواله باختلاف الزمان ، ولا بتغير محله ، وإلا لكان الحكم الشرعي الثابت ـ بدليل ـ في كل آن زائلا ، أو بكل تغير يعرض لمحله ، وهو معلوم الفساد ، وقد تقرر في الأصول : أن استصحاب الحال حجة إلى أن يحصل الناقل.
فان قيل : لما كان المقتضي للنجاسة هو تعليق الشارع إياها بالاسم والصورة
__________________
(١) إيضاح الفوائد ١ : ٣١.