ومن هنا يتجه أن يقال : إنّ أدلّة قبول الشهادة لا تشمل الشهادة على الشهادة ؛ لأنّ الأصل لا يدخل في موضوع الشاهد إلّا بعد قبول شهادة الفرع ، ولكن يضعّف هذا الإشكال :
____________________________________
الثابت بنفس الآية) إذ لو كان المراد منها هو الثابت بنفس الآية يلزم اتحاد الحكم والأثر ، كما لا يخفى.
(ومن هنا يتجه أن يقال : إنّ أدلة قبول الشهادة لا تشمل الشهادة على الشهادة) ، وتوضيح ذلك يحتاج إلى بيان أمرين :
الأول : بيان الشهادة على الشهادة.
والثاني : بيان عدم شمول الأدلة لها.
ومعنى الشهادة على الشهادة : أن يكون هناك شهادتان ، بأن يكون المشهود به بالشهادة الاولى ، وهي الأصل : المال ، والمشهود به بالثانية ، وهي الفرع : الشهادة الاولى.
مثلا بأن شهد عمرو بأنّ هذه الدار لخالد عند زيد ، ثمّ شهد زيد عند الحاكم بشهادة عمرو ، فتكون شهادة زيد شهادة على الشهادة.
وعدم شمول الأدلة لهذه الشهادة سببه عدم ترتّب أثر شرعي عليها إلّا وجوب التصديق والقبول لشهادة عمرو الثابتة بنفس وجوب التصديق والقبول لشهادة زيد ، فيلزم محذور لزوم تقدّم الشيء على نفسه وكون الحكم مثبتا لموضوعه كما أشار إليه بقوله : (لأنّ الأصل) ، أي : شهادة عمرو لا تتحقّق و (لا يدخل في موضوع الشاهد إلّا بعد قبول شهادة الفرع) ، أي : شهادة زيد.
(ولكن يضعف هذا الإشكال : أولا : بانتقاضه بورود مثله في نظيره الثابت بالإجماع ، كالإقرار بالإقرار).
وملخّص هذا الجواب النقضي هو : إنّ الإقرار بالإقرار نافذ ، بأن أقرّ زيد بإقراره السابق بالدّين على ذمته لعمرو ، فكان إقراره الفعلي نافذا بقاعدة إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ونافذ ، ويثبت به إقراره الأول ثمّ يحكم بمقتضاه.
وقد قام الإجماع بقبول الإقرار بالإقرار مع أنّه مستلزم لتقدّم الحكم على موضوعه المستلزم لتقدّم الشيء على نفسه ؛ لأن إقراره الأول يثبت بوجوب قبول إقراره الثاني ،