أوّلا : بانتقاضه بورود مثله في نظيره الثابت بالإجماع ، كالإقرار بالإقرار ، فتأمّل.
وإخبار العادل بعدالة مخبر ، فإنّ الآية تشمل الإخبار بالعدالة بغير إشكال وعدم قبول الشهادة على الشهادة ـ لو سلّم ـ ليس من هذه الجهة.
____________________________________
ثمّ يترتّب عليه نفس ذلك الحكم المثبت للموضوع ، وهو إقراره الأول. فيلزم تقدّم الحكم بوجوب قبول الإقرار الأول لكونه سببا له مع لزوم تأخره عنه ، إذ الحكم يجب أن يكون متأخرا عن الموضوع.
وبالجملة ، يشمل الحكم ما يتولد منه من الموضوع ، فينتقض به ما تقدّم من الإشكال بأنّ الحكم لا يشمل الفرد الذي يتولّد من شمول الحكم لفرد آخر.
(فتأمّل) لعلّه إشارة إلى ضعف الانتقاض المذكور ، وذلك أنّ دليل حجّية الإقرار لا يشمل إلّا الإقرار الثاني.
وأمّا إقراره الأول فلا يثبت بوجوب قبول الإقرار الثاني حتى يلزم المحذور ، بل يثبت بالإجماع ، أو يقال : إنّ في الإقرار توسعة ، والإقرار بالإقرار يرجع إلى الإقرار بالحق ، فيشمله قول المعصوم عليهالسلام : (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) (١) ، فلا يكون هو نظير المقام كما لا يخفى.
قوله : (وعدم قبول الشهادة على الشهادة ... إلى آخره) دفع لما يمكن أن يقال : من أنّ بعض الفقهاء قد خالف قبول الشهادة على الشهادة ، فلعلّ الوجه فيه هو : عدم شمول أدلة حجّية الشهادة الشهادة على الشهادة ، فكذا في المقام يمكن أن يقال : إنّ أدلة حجّية خبر العادل لا تشمل خبر العادل الذي يكون المخبر به خبرا كالخبر مع الواسطة.
فدفع المصنّف رحمهالله هذا الإشكال بقوله : (لو سلّم) هذه المخالفة (ليس من هذه الجهة) ، أي : من جهة كون الحكم مثبتا لموضوعه ، كما تقدّم تفصيله ، بل المخالفة تكون من جهة أنّ الشهادة مشروطة بأن تقع عند الحاكم ، فحينئذ تكون الشهادة الاولى فاقدة للشرط ؛ لأنها لم تقع عند الحاكم ، ولهذا لا تقبل ، فعدم قبول الشهادة على الشهادة لا يكون نقضا للمقام أصلا.
__________________
(١) غوالي اللآلئ ١ : ٢٢٣ / ١٠٤ ، و ٢ : ٢٥٧ / ٥ ، و ٣ : ٤٤٢ / ٥. الوسائل ٢٣ : ١٨٤ ، كتاب الإقرار ، ب ٣ ، ح ٢.