أحدهما : إنّ لفظة «لعلّ» بعد انسلاخها عن معنى الترجّي ظاهرة في كون مدخولها محبوبا للمتكلّم ، وإذا تحقّق حسن الحذر ثبت وجوبه إمّا لما ذكره في «المعالم» من أنّه لا معنى لندب الحذر ، إذ مع قيام المقتضي يجب ، ومع عدمه لا يحسن ، وإمّا لأن رجحان العمل بخبر الواحد مستلزم لوجوبه بالإجماع المركّب ، لأن كلّ من أجازه فقد أوجبه.
____________________________________
(أمّا وجوب الحذر ، فمن وجهين : أحدهما : إنّ لفظة «لعلّ» بعد انسلاخها عن معنى الترجّي ظاهرة في كون مدخولها محبوبا للمتكلم ... إلى آخره) ، أي : إن إثبات وجوب الحذر يتم بأحد وجهين :
الوجه الأول : من جهة كلمة «لعلّ».
والثاني : من جهة كونه غاية للواجب ، وغاية الواجب واجبة كما سيجيء في كلام المصنف رحمهالله.
وتقريب الوجه الأول : هو أنّ لفظة «لعلّ» قد انسلخت عن معنى الترجّي ، إذ لا يعقل ذلك في حقه تعالى ، واستعملت في الطلب ، فتكون ظاهرة في كون مدخول «لعلّ» محبوبا ومطلوبا للمتكلم ، ومن هنا يمكن الاستدلال لإثبات وجوب الحذر بالقياس الاستثنائي ، والقياس الاستثنائي في المقام ينتج وضع المقدّم وثبوته ثبوت التالي.
وبيان ذلك : إنّه إذا ثبت حسن الحذر لكان واجبا. وبتعبير آخر : لثبت وجوبه ، والعمدة في القياس الاستثنائي هو إثبات الملازمة بين المقدّم والتالي فيمكن إثباتها بوجوه :
الوجه الأول : ما أشار إليه بقوله : (إمّا لما ذكره في «المعالم» من أنّه لا معنى لندب الحذر) بعد كونه مطلوبا ومحبوبا للمتكلم (إذ مع قيام المقتضي يجب ، ومع عدمه لا يحسن) وحينئذ إذا كان الحذر حسنا كان واجبا.
الوجه الثاني : إنّه قد تقدّم أنّ المراد بالحذر هو العمل بخبر الواحد فإذا صار العمل بخبر الواحد راجحا بمقتضى كونه مدخول «لعلّ» صار واجبا بالإجماع المركّب ، إذ كلّ من يقول بعدم حجّية خبر الواحد يقول بعدم جواز العمل به ، أمّا إذا جاز العمل به لكان واجبا وقد ثبت جواز العمل به فيثبت أنّه واجب ، والعمل هو نفس الحذر فيكون واجبا.
والوجه الثالث : إنّه إذا ثبت حسن الحذر بمقتضى كونه مدخولا ل «لعلّ» الذي انسلخ عن معنى الترجي لكان مطلوبا ، ثمّ الطلب ينصرف إلى الوجوب ، فيكون الحذر واجبا من جهة