قوله : (أرى لك) ، يستشمّ منه رائحة الاستحباب ، فلعلّ التعبير به مع وجوب التأخير من جهة التقيّة.
وحينئذ فتوجيه الحكم بالاحتياط لا يدلّ إلّا على رجحانه.
وأمّا عن رواية الأمالي (١) ، فبعدم دلالتها على الوجوب ، للزوم إخراج أكثر موارد الشبهة ، وهي الشبهة الموضوعيّة مطلقا والحكميّة الوجوبيّة. والحمل على الاستحباب ـ أيضا ـ مستلزم لإخراج موارد وجوب الاحتياط ، فتحمل على الإرشاد أو على الطلب المشترك بين الوجوب والندب.
____________________________________
المشرقيّة ، فبأنّ الموثّقة واردة في مقام التقيّة ، لأنّ وظيفة الإمام عليهالسلام في الشبهة الحكميّة هو بيان الحكم الواقعي ورفع الاشتباه ، فكان الحقّ أن يقول : انتظر حتى تذهب الحمرة ، لأنّ الغروب يتحقّق بذهابها على الفرض ، فالتعبير بقوله : (أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة) ثمّ تعليله الحكم بالاحتياط وإن كان بعيدا عن منصب الإمام عليهالسلام إذ وظيفته عليهالسلام بيان الغروب لا الاحتياط ، إلّا إنّه يمكن أن يكون هذا النحو من التعبير لأجل التقيّة ؛ لإيهام أنّ الوجه في التأخير هو حصول الجزم بالغروب ، لا أنّ المغرب لا يدخل مع تحقّق الاستتار.
والحاصل أنّ قوله عليهالسلام : (أرى لك أن تنتظر) ظاهر في استحباب الانتظار ، ولعلّ التصريح بالاستحباب مع وجوب الانتظار عندنا كان من جهة التقيّة.
(وحينئذ فتوجيه الحكم بالاحتياط لا يدل إلّا على رجحانه).
أي : إنّ تعليل الحكم وهو استحباب الانتظار بالاحتياط ، وهو قوله : (وتأخذ بالحائطة ... إلى آخره) لا يدلّ إلّا على رجحان الاحتياط لا على وجوبه ، لأنّ علّة المستحب مستحبة ، وبذلك لا تكون الموثّقة دليلا على وجوب الاحتياط فيما نحن فيه أصلا.
(وأمّا عن رواية الأمالي ، فبعدم دلالتها على الوجوب للزوم إخراج أكثر موارد الشبهة ، وهي الشبهة الموضوعيّة مطلقا والحكميّة الوجوبيّة ... إلى آخره).
أي : وأمّا الجواب عن رواية الأمالي وهي قوله عليهالسلام : (أخوك دينك فاحتط لدينك) ، فبعدم دلالتها على وجوب الاحتياط ؛ وذلك لأنّها لو دلّت على الوجوب ، لدلّت عليه في
__________________
(١) أمالي الطوسي : ١١٠ / ١٦٨. الوسائل ٢٧ : ١٦٧ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٤٦.