وبعبارة اخرى : الآية لا تدلّ على وجوب قبول الخبر الذي لم يثبت موضوع الخبرية له إلّا بدلالة الآية على وجوب قبول الخبر ؛ لأن الحكم لا يشمل الفرد الذي يصير موضوعا له بواسطة ثبوته لفرد آخر.
____________________________________
وبعبارة اخرى : إنّ التعبّد بحجّية الخبر يتوقف على أن يكون المخبر به بنفسه حكما شرعيا ، أو ذا أثر شرعي ، والواسطة في سلسلة الرواة إلّا الخبر الأخير لم تكن بنفسها حكما شرعيا ، ولا ذات أثر شرعي ، فلا يمكن التعبّد بحجّيتها ، ويستفاد هذا الوجه من مواضع كلام المصنّف رحمهالله.
والوجه الثاني : يمكن تقريبه بقياس استثنائي ، وهو : لو شمل دليل الحجّية ـ أي : صدّق العادل ـ الواسطة لزم تقدّم الحكم على موضوعه ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
وبيان الملازمة : إنّ خبر المفيد في المثال المذكور في المتن يتحقّق بسبب وجوب تصديق خبر الشيخ عن المفيد قدسسرهما ، ثم يصير خبر المفيد عن الصدوق قدسسرهما موضوعا لوجوب التصديق بعد تحقّقه به ، فيكون الحكم سببا ومحقّقا لموضوعه ، فيلزم كونه متقدّما على الموضوع حتى يكون سببا لتحقّقه وهو نفس تقدّم الحكم على الموضوع ، وهو تال باطل. وبطلانه لا يحتاج إلى بيان ، إذ الحكم يجب أن يكون متأخرا عن الموضوع تأخر المعلول عن علته ، فيكون تقدّمه على الموضوع مستلزما لتقدّم الشيء على نفسه ، وهو نتيجة الدور المحال الباطل ، هذا ما أشار إليه بقوله : (لأن الحكم لا يشمل الفرد الذي يصير موضوعا له ... إلى آخره).
والوجه الثالث : هو لزوم اتحاد الحكم والأثر ، وذلك أنّ الحكم بوجوب تصديق العادل يجب أن يكون بلحاظ ترتّب الاثر الثابت في الرتبة السابقة عن مجيء الحكم ، كجواز الاقتداء على زيد المترتّب على عدالته بعد الإخبار عنها.
ففي المقام ، لو شمل دليل الحجّية خبر الشيخ عن المفيد قدسسرهما لكان معناه وجوب ترتيب الأثر على ما أخبر به الشيخ رحمهالله ، وهو خبر المفيد رحمهالله ، والمفروض أنّه ليس هناك أثر سوى وجوب التصديق ، فيلزم ما ذكرناه من اتحاد الحكم والأثر ، وهو باطل ؛ لأنّ الأثر يجب أن يكون موجودا قبل الحكم ، ليكون الحكم لأجل ذلك الأثر.
وهذا ما أشار إليه بقوله : (ومن المعلوم أنّ المراد من الآثار غير هذا الأثر الشرعي