أقول : ونحوهما في الدلالة على وجوب الاحتياط : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(١) ، وقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(٢) ، وقوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ)(٣).
والجواب : أمّا عن الآيات الناهية عن القول بغير علم ـ مضافا إلى النقض بشبهة
____________________________________
ومنها : ما يدلّ بظاهره على لزوم الاتقاء والتورّع والاحتياط كقوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) ، (وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) ومثلهما قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ).
وملخّص تقريب دلالة هذه الطائفة على ما نحن فيه هو أنّ حقّ التقوى والمجاهدة المأمور بهما في هذه الآيات هو الاجتناب عن فعل محتمل الحرمة ، وذلك لمنافاة ارتكاب الشبهة التحريميّة للتقوى.
ومنها : ما نهى عن إلقاء النفس في التهلكة كقوله تعالى : (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
بتقريب : إنّ ارتكاب الشبهة التحريميّة يكون من إلقاء النفس في التهلكة فيكون محرّما.
ومنها : ما أمر بردّ ما لم يعلم من الحكم إلى الله ورسوله كقوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
بتقريب : أن يكون التنازع كناية عن عدم العلم بالشيء ، وأن يكون المراد بالشيء هو الحكم ، فيكون مفاد الآية ـ حينئذ ـ إن تنازعتم في حكم من جهة عدم العلم به فردّوه إلى الله والرسول.
والمراد من الردّ هو التوقّف ، ولازمه هو الاحتياط ، وبذلك تدلّ هذه الآية على وجوب التوقّف والاحتياط في مورد الشبهة وعدم العلم بالحكم. هذا تمام الكلام في تقريب جملة من الآيات على لزوم الاحتياط.
وأمّا الجواب عن الطائفة الاولى فبأحد وجهين :
الوجه الأوّل : هو النقض بالشبهة الوجوبيّة والشبهة في الموضوع.
__________________
(١) التغابن : ١٦.
(٢) البقرة : ١٩٥.
(٣) النساء : ٥٩.