في الحرام ولا الهلاك من حيث لا يعلم إلّا على مجاز المشارفة ، كما يدلّ عليه بعض ما مضى وما يأتي من الأخبار. فالاستدلال موقوف على إثبات كبرى ، وهي : إنّ الاشراف على الوقوع في الحرام والهلاك من حيث لا يعلم محرّم من دون سبق علم به أصلا.
الثالث : الأخبار الكثيرة المساوقة لهذا الخبر الشريف الظاهرة في الاستحباب بقرائن مذكورة فيها :
____________________________________
والوقوع في المحرّمات لا تصح إلّا على الاستغراق ، كما تقدّم في الأمر الثاني ، فحينئذ لا ملازمة بين ارتكاب شبهة واحدة وبين الوقوع في المحرم.
(إلّا على مجاز المشارفة ، كما يدلّ عليه بعض ما مضى).
كقوله عليهالسلام : (والمعاصي حمى الله فمن يرتع حولها ـ وهي الشبهات ـ يوشك أن يدخلها) (١).
فمفاد النبوي حينئذ هو : من أخذ بالشبهات أشرف على الوقوع في المحرّمات أي : يقترب من الوقوع بالمحرّمات لا أنّه يقع فيها ، فارتكاب الشبهة يوجب الإشراف على الوقوع في الحرام ، وبهذا البيان تصح الملازمة حينئذ بين ارتكاب الشبهة ، وبين الإشراف على الوقوع في الحرام.
إلّا إنّ كون الشبهة موجبة للإشراف لا ينفع لإثبات وجوب الاجتناب عن الشبهة ما لم تضم إلى هذه الصغرى كبرى ، وهي : إن الإشراف على الوقوع في الحرام حرام ، فيقال :
إنّ ارتكاب الشبهة إشراف على الوقوع في الحرام ، وإنّ الإشراف على الوقوع في الحرام حرام ، فارتكاب الشبهة حرام.
ولكن الإشراف على الوقوع في الحرام ليس حراما مطلقا ، بل هو حرام مع سبق العلم الإجمالي ، كالشكّ في المكلّف به الذي يكون خارجا عن محل الكلام دون الشك في التكليف في الشبهة البدويّة الذي يكون محلّا للكلام فيما نحن فيه.
(الثالث : الأخبار الكثيرة المساوقة لهذا الخبر الشريف الظاهرة في الاستحباب بقرائن مذكورة فيها).
أي : الأمر الثالث الذي يؤيّد حمل النبوي على الإرشاد المشترك ، هي الأخبار الموافقة
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٥٣ / ١٩٣. الوسائل ٢٧ : ١٧٥ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٨.