.................................................................................................
______________________________________________________
تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها ليس إلّا ترتّب المفسدة على فعل الحرام ، والمصلحة على فعل الواجب ، فلا مفسدة في ترك الواجب ، كما لا مصلحة في ترك الحرام.
نعم ؛ ترك الواجب يوجب فوات المصلحة التي يلزم استيفاؤها ؛ كما إذا كان في فعل الحرام مفسدة يحبب الاجتناب عن الوقوع فيها.
وعليه : فلا يدور الأمر في الواجب والحرام بين المفسدتين حتى يخرج ما نحن فيه عن قاعدة أولويّة دفع المفسدة من جلب المصلحة ؛ بل ما نحن فيه من صغريات تلك القاعدة.
والمتحصّل : أنه تكون في فعل الواجب مصلحة يلزم استيفاؤها من دون أن تكون في تركه مفسدة ، كما تكون في فعل الحرام مفسدة من دون أن تكون في تركه مصلحة ، فلا يتم ما أفاده المحقق القمي «قدسسره» من الإيراد.
والمصنف «قدسسره» بعد الجواب عن إيراد المحقق القمي أورد على المرجح الثاني بوجوه :
الأول : ما أشار إليه بقوله : «ولكن يرد عليه : أن الأولوية مطلقا ممنوعة».
وحاصله : أنّ هذه الأولوية في جميع موارد دوران الأمر بين دفع المفسدة وبين جلب المنفعة ممنوعة ، فمرجع هذا الوجه : هو منع كلية الكبرى لعدم الدليل على أولويّة دفع المفسدة مطلقا من جلب المنفعة ، بعد وضوح : اختلاف المصالح والمفاسد الداعية إلى تشريع الأحكام قوّة وضعفا ؛ إذ ربّ واجب تكون مصلحته في غاية القوّة ، وحرام تكون مفسدته في كمال الضعف ، فلا شبهة حينئذ في تقدم الواجب على الحرام عند الدوران بينهما ، كما سيأتي.
والمراد من «مطلقا» أي : في جميع الموارد ؛ حتى في صورة أقوائيّة مصلحة الواجب ـ كالصلاة ـ من مفسدة الحرام كالنظر إلى الأجنبية ؛ بل الأولويّة المذكورة مختصّة بما إذا كانت المفسدة أقوى من المصلحة.
قوله : «كما يشهد به» أي : كما يشهد بكون العكس أولى مقايسة فعل بعض المحرمات ـ كالتصرف في مال الغير بدون إذنه ـ مع ترك بعض الواجبات كإنقاذ غريق ، أو إطفاء حريق ، فإن من المعلوم : أقوائية مصلحة هذين الواجبين من مفسدة الغصب.