يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الآخر رأسا ، كما هو قضيّة التقييد والتخصيص في غيرها ممّا لا يحرز فيه المقتضي لكلا الحكمين ؛ بل قضيّته ليس إلا خروجه فيما كان الحكم الذي هو مفاد الآخر فعليا ؛ وذلك لثبوت المقتضي في كل
______________________________________________________
ما تقدم من صحة الصلاة في المغصوب ـ بناء على الامتناع وتقديم النهي أو التساوي ـ من ذوي الأعذار كالمحبوس ظلما في الغصب ، والناسي للغصب ، أو الحرمة ، والغافل عنها ، والجاهل بها قصورا. هذا تمام الكلام في تقريب الإشكال.
وأما دفعه : فيتوقف توضيحه على مقدمة وهي : الفرق بين تخصيص أحد الدليلين في مسألة باب التزاحم ، وبين تخصيصه في باب التعارض.
وحاصله : أنّ مناط التعارض هو وجود ملاك أحد الحكمين ، ومناط التزاحم هو وجود ملاك كلا الحكمين ، ولازم هذا الفرق : أن تخصيص أحد الدليلين أو تقييده في باب التعارض يوجب خروج مورد الاجتماع عن تحت الدليل الآخر رأسا ، كما في مثل : «أكرم العلماء ولا تكرم النحاة» ، فإنّ العالم النحوي ـ بعد تخصيص العلماء بالنحاة ـ يخرج عن حيّز «أكرم العلماء» ملاكا ووجوبا ، فلا مصلحة ولا وجوب له.
هذا بخلاف باب التزاحم ، كما في إنقاذ زيد وعمرو مع عجز المكلّف عن إنقاذهما معا ، فإذا رجّح إنقاذ زيد لقوّة ملاكه يبقى إنقاذ عمرو على وجوبه الاقتضائي.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن مسألة اجتماع الأمر والنهي إنّما هي من باب التزاحم.
فحاصل دفع الإشكال :
إنّ ترجيح النهي على الأمر في مسألة الاجتماع ليس من باب التخصيص المصطلح الّذي يوجب اختصاص الملاك والحكم بغير مورد التخصيص ـ كما عرفت ـ فيوجب خروج الخاص عن العام رأسا ، هذا بخلاف مسألة الاجتماع ، فإنّ ترجيح أحد الدليلين على الآخر يوجب خروج الآخر عن الحكم الفعلي فقط مع بقاء ملاكه ، فالصلاة في المغصوب خرجت عن حيّز الوجوب الفعلي دون ملاكه ، فمصلحتها باقية على حالها ، وحينئذ يؤثر الملاك بارتفاع فعلية النهي عن الغصب بسبب عذر من الأعذار الرافعة له ، ونتيجة ذلك : صحة الصلاة في موارد العذر ؛ إذ لا مانع من تأثير ملاك الأمر.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية» :
قوله : «لا يوجب» جواب عن إشكال التقريرات ، وقد تقدم توضيح ذلك فلا حاجة إلى التكرار.