فصل : الجملة الشرطية (١)
هل تدل على الانتفاء عند الانتفاء ـ كما تدل على الثبوت عند الثبوت بلا كلام ـ أم لا؟ فيه خلاف (٢) بين الأعلام. لا شبهة في استعمالها ، وإرادة الانتفاء عند الانتفاء
______________________________________________________
في مفهوم الشرط
(١) الكلام في مفهوم الشرط بمعنى : أنه إذا قال المولى لعبده : «إن جاءك زيد فأكرمه» فهل تدل هذه الجملة الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء ، كما تدل على الثبوت عند الثبوت بلا كلام بحيث لو قال بعد ذلك : «وإن أحسن زيد إليك فأكرمه» كان ذلك مخصصا لمفهوم «إن جاءك زيد فأكرمه» ، أم لا؟ بل لا تدل الجملة الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء ، فيه خلاف.
(٢) يعني : اختلف الأصحاب في دلالة القضية الشرطية على المفهوم وعدم دلالتها عليه ، وقد أشار إلى محل النزاع بقوله : «لا شبهة في استعمالها» أي : الجملة الشرطية ، «وإرادة الانتفاء عند الانتفاء في غير مقام» واحد ، وهذا خارج عن محل الكلام ، إذ لا خلاف فيه ، ولا إشكال ، وإنما الخلاف والإشكال في أن هذا الاستعمال هل هو بالوضع أو بقرينة عامة ، كوقوع الأمر عقيب الحظر الذي هو قرينة عامة على عدم الوجوب منه ، فإنه يحمل الأمر على ذلك إلا إذا قامت قرينة خاصة على إرادة الوجوب منه ، بأن يكون المقام من هذا القبيل قامت قرينة عامة كمقدمات الحكمة على المفهوم ، بحيث لا بد من الحمل على المفهوم لو لم تقم قرينة على خلافه من حال أو مقال.
وكيف كان ؛ فدلالة الجملة الشرطية على المفهوم مبنية على أمور :
الأول : أن يكون الشرط والقيد في القضية الشرطية راجعا إلى مفاد الهيئة دون المادة ، بأن يكون مفادها تعليق مضمون جملة على مضمون جملة أخرى ، والتعليق هو ربط أحد الشيئين بالآخر بنحو لا يتخلف عنه ولا يمكن تحققه بدونه ، فهو يساوق العلية المنحصرة ، بمعنى : أن ترتب الجزاء على الشرط يكون من قبيل ترتب المعلول على علته المنحصرة.
الثاني : أن تكون ملازمة بين الجزاء والشرط.
الثالث : أن تكون القضية الشرطية ظاهرة في أن ترتب الجزاء على الشرط من باب ترتب المعلول على العلة ، لا من باب ترتب العلة على المعلول ، ولا من ترتب أحد المعلولين على الآخر لعلة ثالثة.
الرابع : أن تكون القضية الشرطية ظاهرة في كون الشرط علة منحصرة للحكم فيها ،